للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِمَّا أَنْ تَتَعَارَضَا، وَتَتَسَاقَطَا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ بِرِوَايَةِ التَّوْرِيثِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُوَافِقُ قَوْلَ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: " مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقَسَّمَ " مَعْنَاهُ: مَنْ أَسْلَمَ عِنْدَ حَضْرَةِ الْمَوْتِ لِمَوْرُوثِهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَيُقَسِّمَ مِيرَاثَهُ، قِيلَ: هَذَا فَاسِدٌ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ سِيَاقَ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ.

الثَّانِي: أَنَّهُ عَلَّقَ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْقِسْمَةِ، فَقَالَ: مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقَسَّمَ، وَلَمْ يَقُلْ: قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ الْمَوْرُوثُ، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى (قَبْلَ أَنْ يُقَسَّمَ) هُوَ مَعْنَى (قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ مَوْرُوثُهُ) ، وَالتَّأْوِيلُ إِذَا خَرَجَ إِلَى هَذَا الْحَدِّ فَحُشَ جِدًّا.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا كَبِيرُ فَائِدَةٍ أَنْ يُقَالَ: مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ وَرِثَهُ، فَهَذَا أَمْرٌ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى بَيَانٍ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُوجَدَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيَكُونُ فِي حُكْمِهِ قَبْلَهُ، كَمَا قُلْتُمْ فِيمَنْ حَفَرَ بِئْرًا، وَمَاتَ، ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إِنْسَانٌ: فَإِنَّ الضَّمَانَ مُتَعَلِّقٌ بِتَرِكَتِهِ كَمَا لَوْ وَجَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>