عَلَيْهِ، وَالْعِتْقُ وُجِدَ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ، فَلَا مِنَّةَ لَهُ فِيهِ، وَلَا ثَوَابَ، وَإِنَّمَا هُوَ لِسَيِّدِهِ، فَجَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِمَا يُمْدَحُ عَلَيْهِ عِوَضًا يَكُونُ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي الزَّوْجَةِ تَسْلِمُ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ؟ قِيلَ: قَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِي كِتَابِ " الطَّلَاقِ " هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، فَقَالَ: " إِذَا أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقَسَّمَ كَانَ دَاخِلًا فِي الْمِيرَاثِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا يَرِثُ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَخَارِجَةٌ عَنِ الْمِيرَاثِ فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا ".
قَالَ الْقَاضِي: " وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ أَنَّهَا تَرِثُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الْمِيرَاثِ إِذَا كَانَ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ، فَإِذَا زَالَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَمْ يَمْنَعِ الْإِرْثَ كَالنَّسَبِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ إِرْثَ الزَّوْجَةِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى صِفَةٍ: وَهِيَ الِاتِّفَاقُ فِي الدِّينِ، وَبِالْمَوْتِ قَدْ زَالَ الْعَقْدُ، فَإِذَا وُجِدَ الِاتِّفَاقُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُؤَثِّرْ كَعَدَمِ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ النَّسَبُ؛ لِأَنَّهُ يُوَرَّثُ بِهِ عَلَى صِفَةٍ، وَبِالْمَوْتِ لَمْ يَزُلِ النَّسَبُ، فَإِذَا وُجِدَ الِاتِّفَاقُ فِي الدِّينِ صَادَفَ سَبَبًا ثَابِتًا، فَلِهَذَا وَرِثَ ".
يُبَيِّنُ صِحَّةَ هَذَا مَا قُلْنَاهُ فِي الْمَوْلَى الْمُنَاسِبِ: إِذَا فَسَقَ سَقَطَتْ وِلَايَتُهُ، فَإِذَا صَارَ عَدْلًا عَادَتْ وِلَايَتُهُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ بَاقٍ لَمْ يَزُلْ وَلَوِ اسْتَفَادَ الْوِلَايَةَ بِالْحُكْمِ، وَفَسَقَ الْحَاكِمُ سَقَطَتْ وِلَايَتُهُ، فَإِنْ صَارَ عَدْلًا فِي الثَّانِي لَمْ تُعَدْ وِلَايَتُهُ، لِأَنَّهَا إِنَّمَا اسْتَفَادَهَا بِالْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ قَدْ بَطَلَ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ وُجُودُ الْعَدَالَةِ فِي الثَّانِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute