للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحْدَهُ كَافٍ فِي التَّخْصِيصِ، وَهُمْ يَخُصُّونَ الْعُمُومَ بِمَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ، فَإِنَّ هَذِهِ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ يَشْهَدُ لَهَا الشَّرْعُ بِالِاعْتِبَارِ فِي كَثِيرٍ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ، وَقَدْ تَكُونُ مَصْلَحَتُهَا أَعْظَمَ مِنْ مَصْلَحَةِ نِكَاحِ نِسَائِهِمْ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُخَالِفُ الْأُصُولَ، فَإِنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ إِنَّمَا يَنْصُرُهُمْ، وَيُقَاتِلُ عَنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَيَفْتَدُونَ أَسْرَاهُمْ، وَالْمِيرَاثُ يُسْتَحَقُّ بِالنُّصْرَةِ، فَيَرِثُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَهُمْ لَا يَنْصُرُونَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَرِثُونَهُمْ، فَإِنَّ أَصْلَ الْمِيرَاثِ لَيْسَ هُوَ بِمُوَالَاةِ الْقُلُوبِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا مُعْتَبَرًا فِيهِ كَانَ الْمُنَافِقُونَ لَا يَرِثُونَ، وَلَا يُورَثُونَ، وَقَدْ مَضَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ وَيُورَثُونَ.

وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَأَمَّا هُوَ فَإِنْ مَاتَ لَهُ مَيِّتٌ مُسْلِمٌ فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ وَمَاتَ مُرْتَدًّا لَمْ يَرِثْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَاصِرًا لَهُ، وَإِنْ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ فَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ النَّاسِ.

وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ: أَنَّ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ وَالْمُرْتَدَّ إِذَا أَسْلَمَا قَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ، وَرِثَا، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ هَذَا الْأَصْلَ، فَإِنَّ هَذَا فِيهِ تَرْغِيبٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ فِي الرَّقِيقِ إِذَا كَانَ ابْنًا لِلْمَيِّتِ: " أَنَّهُ يُشْتَرَى مِنَ التَّرِكَةِ وَيَرِثُ! ".

قَالَ شَيْخُنَا: " وَمِمَّا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَرِثُ الذِّمِّيَّ، وَلَا يَرِثُهُ الذِّمِّيُّ، أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْإِرْثِ بِالْمُنَاصَرَةِ، وَالْمَانِعَ هُوَ الْمُحَارَبَةُ. وَلِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>