كَانَ لَهُ قَرِيبٌ أَوْ حَلِيفٌ اسْتَوْلَى عَلَى مَالِهِ، ثُمَّ لَمَّا أَسْلَمُوا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ» "، وَلَمْ يَرُدَّ إِلَى الْمُهَاجِرِينَ دُورَهُمُ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُمْ، بَلْ قَالَ: " «هَذِهِ أُخِذَتْ فِي اللَّهِ، أُجُورُهُمْ فِيهَا عَلَى اللَّهِ» "، وَقَالَ لِابْنِ جَحْشٍ: " «أَلَا تَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُهَا فِي الْجَنَّةِ» ؟ ! "
وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَنْتَظِرُونَ مَا يَأْمُرُ بِهِ فِي دَارِ ابْنِ جَحْشٍ، فَإِنْ رَدَّهَا عَلَيْهِ طَلَبُوا هُمْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَعَ عُثْمَانَ هَذِهِ الرِّسَالَةَ، فَسَكَتَ وَسَكَتَ الْمُسْلِمُونَ، وَهَذَا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قِيلَ لَهُ: «أَلَا تَنْزِلُ فِي دَارِكَ؟ فَقَالَ: " وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ دَارٍ» ؟ ! "
قَالَ الشَّيْخُ: " وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ طَوَائِفُ مِنْ مَسَائِلَ:
[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:] فَالشَّافِعِيُّ احْتَجَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ رِبَاعِ مَكَّةَ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ بَاعَهَا. قُلْتُ: الشَّافِعِيُّ إِنَّمَا احْتَجَّ بِإِضَافَةِ الدَّارِ إِلَيْهِ، بِقَوْلِهِ " فِي دَارِكَ " وَأَرْدَفَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [آل عمران: ١٩٥] ، وَالْمُنَازِعُونَ لَهُ يَقُولُونَ: الْإِضَافَةُ قَدْ تَصِحُّ بِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، فَهِيَ إِضَافَةُ اخْتِصَاصٍ لَا إِضَافَةُ مِلْكٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ النَّاسَ فِي الْحَرَمِ سَوَاءً، الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute