للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا فَمَنْ لَهُ أَجَلٌ يُوَفَّى لَهُ إِلَى أَجَلِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ عَاهَدُوهُ، فَمَا اسْتَقَامُوا لَهُمْ يَسْتَقِيمُ لَهُمْ، وَمَعَ هَذَا فَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

وَأَيْضًا فَالْمَنْعُ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَانَ يُنَادِي بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَأَعْوَانُهُ عَلَيٌّ وَغَيْرُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -، فَيُنَادُونَ يَوْمَ النَّحْرِ: " «لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» ".

وَأَمَّا نَبْذُ الْعُهُودِ فَإِنَّمَا تَوَلَّاهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَجْلِ الْعَادَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْعَرَبِ.

وَأَيْضًا، فَالْأَمَانُ الَّذِي كَانَ لِحُجَّاجِ الْبَيْتِ لَمْ يَكُنْ بِعَهْدٍ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَانٍ مِنْهُ، بَلْ كَانَ هَذَا دِينُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَامَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨] ، فَبِهَذِهِ الْآيَةِ مُنِعُوا، لَا بِالْبَرَاءَةِ مِنَ الْمُعَاهَدِينَ، وَقَدْ كَانَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا} [المائدة: ٢] ، فَنُهُوا عَنِ التَّعَرُّضِ لِقَاصِدِيهِ مُطْلَقًا، ثُمَّ لَمَّا مُنِعَ مِنْهُ الْمُشْرِكُونَ، وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى، كَانَ مَنْ أَمَّنَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>