وَقَالَتِ الْمَالِكِيَّةُ: مَتَى سُبِيَ مَعَ أَبِيهِ تَبِعَهُ، وَإِنْ سُبِيَ مُنْفَرِدًا، أَوْ مَعَ أُمِّهِ تَبِعَ سَابِيهِ.
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا سُبِيَ الطِّفْلُ فَمَا دَامَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَهُوَ عَلَى دِينِ أَبَوَيْهِ، فَإِنْ أُدْخِلَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ عَلَى دِينِهِمَا، وَلَوْ مَاتَ الْأَبَوَانِ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى مَا كَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِلدَّارِ.
وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَالصَّبِيُّ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِهِ، كَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ سُبِيَ الصَّبِيُّ بَعْدَهُ وَصَارَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ.
وَالصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِسَابِيهِ مُطْلَقًا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ مَوْلُودٌ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَإِنَّمَا حُكِمَ بِكُفْرِهِ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ لِثُبُوتِ وِلَايَتِهِمَا عَلَيْهِ، فَإِذَا انْقَطَعَتْ وِلَايَتُهُمَا بِالسِّبَاءِ عَمِلَ مُقْتَضَى الْفِطْرَةِ عَمَلَهُ إِذْ لَمْ يَبْقَ لَهُ مُعَارِضٌ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ، وَقَدْ زَالَ حُكْمُ الْأَبَوِيَّةِ عَنْهُ؟ وَهُوَ لَمْ يَصِفِ الْكُفْرَ وَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَإِنَّمَا كَانَ كَافِرًا تَبَعًا لَهُمَا، وَالْمَتْبُوعُ قَدْ زَالَ حُكْمُ اسْتِتْبَاعِهِ إِذْ لَمْ يَبْقَ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي نَفْسِهِ، وَلَا وِلَايَةٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمَنْ تَبِعَهُ: إِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ الْأَبَوَيْنِ، إِذْ عَدَمُهُمَا أَقْوَى فِي زَوَالِ التَّبَعِيَّةِ مِنْ سَابِيهِ، مُنْفَرِدًا عَنْهُمَا، أَوْ مَعَهُمَا، أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute