كَانَ مَالِكُهُ مُسْلِمًا - لِأَنَّ أَبَوَيِ الطِّفْلِ مَعَهُ، وَهُمَا كَافِرَانِ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا عَلَيْهِ وِلَايَةٌ، وَكَانَتِ الْوِلَايَةُ لِسَيِّدِهِ، وَمَالِكِهِ تَبِعَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَهَذَا أَوْجَهُ، وَأَطْرَدُ عَلَى أُصُولِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهُوَ لَوْ سُبِيَ مَعَ أَبَوَيْهِ كَانَ مَمْلُوكًا لِسَابِيهِ، وَكَانَ عَلَى دِينِهِمَا، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ؟
قِيلَ: قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الصَّحِيحَ كَوْنُهُ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ مَعَ أَبَوَيْهِ.
وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى دِينِهِمَا، فَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا لَوْ وُلِدَ بَيْنَ مَمْلُوكَيْنِ لِمُسْلِمٍ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ قَبْلَ السِّبَاءِ، وَهُنَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ تَبَعِيَّةِ الْمَالِكِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ الْوَلَدُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُسْلِمًا، إِذَا مَاتَتْ أُمُّهُ وَكَفَلَهُ الْمُسْلِمُونَ.
فَقَالَ أَبُو الْحَارِثِ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَارِيَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ، لَهَا زَوْجٌ نَصْرَانِيٌّ، فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُسْلِمِ، وَبَقِيَ وَلَدُهَا عِنْدَهُ مَا يَكُونُ حُكْمُ هَذَا الصَّبِيِّ؟ فَقَالَ: إِذَا كَفَلَهُ الْمُسْلِمُونَ فَهُوَ مُسْلِمٌ.
فَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لِمَوْتِ أُمِّهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لِكَفَالَةِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ، وَلَا أَثَرَ لِوُجُودِ أُمِّهِ.
وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْمَأْخَذِ، وَهُوَ كَفَالَةُ الْمُسْلِمِينَ، فِي رِوَايَةٍ لِيَعْقُوبَ بْنِ بُخْتَانَ: فَإِنَّهُ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَارِيَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ لِقَوْمٍ، فَوُلِدَتْ عِنْدَهُمْ، ثُمَّ مَاتَتْ مَا يَكُونُ الْوَلَدُ؟ قَالَ: إِذَا كَفَلَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَكْفُلُهُ إِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute