بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُمْ أَوْلَى بِهَا مِنْ عَوَامِّهِمْ فَإِنَّهُمْ رُءُوسُ الْكُفْرِ وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ عُلَمَائِهِمْ وَشَمَامِسَتِهِمْ، وَإِنِ انْقَطَعُوا فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ لَمْ يُخَالِطُوا النَّاسَ فِي مَعَايِشِهِمْ وَمَسَاكِنِهِمْ، فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَشْهَرُهُمَا: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَالثَّانِيَةُ تَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ مُعْتَمِلًا.
وَقَالَ أَحْمَدُ: تُؤْخَذُ مِنَ الشَّمَّاسِ وَالرَّاهِبِ وَكُلِّ مَنْ أَنْبَتَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ ظَاهِرُ عُمُومِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْ لَمْ يَرَ وُجُوبَهَا احْتَجَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ.
وَقَدْ أَوْصَى الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنْ لَا يُتَعَرَّضَ لَهُمْ فَقَالَ فِي وَصِيَّتِهِ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ وَجَّهَهُ إِلَى الشَّامِ: " لَا تَقْتُلُ صَبِيًّا وَلَا امْرَأَةً وَلَا هَرِمًا، وَسَتَمُرُّونَ عَلَى أَقْوَامٍ فِي الصَّوَامِعِ احْتَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِيهَا، فَدَعْهُمْ حَتَّى يُمِيتَهُمُ اللَّهُ عَلَى ضَلَالَتِهِمْ، وَسَتَجِدُونَ أَقْوَامًا فَحَصُوا عَنْ أَوْسَاطِ رُءُوسِهِمْ فَاضْرِبْ مَا فَحَصُوا عَنْهُ بِالسَّيْفِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute