أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَقَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [التوبة: ١٧] ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِمَا هُوَ كُفْرٌ، فَكَانَ ذَلِكَ شَهَادَتَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: ١٣٠] ، فَشَهَادَتُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هِيَ إِقْرَارُهُمْ وَهِيَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَفْظُ " شَهِدَ فُلَانٌ "، وَ " أَشْهَدَ بِهِ " يُرَادُ بِهِ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ، وَيُرَادُ بِهِ أَدَاؤُهَا.
فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] .
وَالثَّانِي: كَقَوْلِهِ: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥] .
وَقَوْلِهِ: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأعراف: ١٧٢] ، مِنْ هَذَا الثَّانِي لَيْسَ الْمُرَادُ: أَنَّهُ جَعَلَهُمْ يَتَحَمَّلُونَ الشَّهَادَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَيُؤَدُّونَهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إِنَّمَا يُشْهِدُ عَلَى الرَّجُلِ غَيْرَهُ، كَمَا فِي قِصَّةِ آدَمَ، لِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute