للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: لَمْ أَدْرِ مَا فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى أَتَى أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فَطَرْتُهَا أَيِ ابْتَدَأْتُهَا.

وَذَكَرُوا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي دُعَائِهِ: " اللَّهُمَّ جَبَّارَ الْقُلُوبِ عَلَى فِطْرَاتِهَا: شَقِيِّهَا وَسَعِيدِهَا ".

قَالَ شَيْخُنَا: حَقِيقَةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ صَائِرٌ إِلَيْهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، فَجَمِيعُ الْبَهَائِمِ هِيَ مَوْلُودَةٌ عَلَى مَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ لَهَا، وَالْأَشْجَارُ مَخْلُوقَةٌ عَلَى مَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ كُلُّ مَخْلُوقٍ قَدْ خُلِقَ عَلَى الْفِطْرَةِ.

وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ: " «فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ» " مَعْنًى، فَإِنَّهُمَا فَعَلَا بِهِ مَا هُوَ الْفِطْرَةُ الَّتِي وُلِدَ عَلَيْهَا.

وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَلَا فَرْقَ فِي الْفِطْرَةِ بَيْنَ التَّهْوِيدِ، وَالتَّنْصِيرِ، وَبَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>