للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طُبِعَ كَافِرًا» " وَبِالْآثَارِ الْمَعْرُوفَةِ: " «الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ» "، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ الدَّالَّةِ عَلَى الْقَدَرِ السَّابِقِ، وَأَنَّ الشَّقَاوَةَ، وَالسَّعَادَةَ بِقَضَاءٍ سَابِقٍ وَقَدَرٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى وُجُودِ الْعَبْدِ، وَهُوَ حَقٌّ لَا رَيْبَ فِيهِ، وَلَا نِزَاعَ فِيهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَجَمِيعِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَكِنْ لَا يُنَافِي كَوْنَ الطِّفْلِ قَدْ خُلِقَ عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي هِيَ دِينُ اللَّهِ، فَإِنَّ الْقَدَرَ السَّابِقَ، وَالْعِلْمَ الْقَدِيمَ اقْتَضَى أَنْ تُهَيَّأَ لَهُ أَسْبَابٌ تَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الْفِطْرَةِ، وَقَوْلُهُ: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠] ، أَيْ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُغَيِّرَ الْخِلْقَةَ الَّتِي خَلَقَ عَلَيْهَا عِبَادَهُ وَفَطَرَهُمْ عَلَيْهَا مِنْ أَنَّهُمْ لَوْ خُلُّوا وَنُفُوسَهُمْ لَكَانُوا عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ، فَخَلَقَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تَغْيِيرَ لَهُ، وَإِنَّمَا التَّغْيِيرُ بِأَسْبَابٍ طَارِئَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى الْخِلْقَةِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: ٢] ، فَغَايَتُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ خَلَقَ الْكَافِرَ كَافِرًا، وَالْمُؤْمِنَ مُؤْمِنًا، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَجَمِيعِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَنْفِي كَوْنَهُمْ مَخْلُوقِينَ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ، خَلَقَ لَهُمْ أَسْبَابًا أَخْرَجَتْ مَنْ أَخْرَجَتْهُ مِنْهُمْ عَنْهَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: ٢٩] ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>