للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ شَيْخُنَا: فَإِذَا عُرِفَ أَنَّ كَوْنَهُمْ وُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونُوا تَبَعًا لِآبَائِهِمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا زَالَتِ الشُّبْهَةُ.

قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ فِي بِلَادِ الْكُفْرِ مَنْ هُوَ مُؤْمِنٌ فِي الْبَاطِنِ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ فَيَقْتُلُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَلَا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ وَتُرْبَةِ الْكُفَّارِ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، كَمَا أَنَّ الْمُنَافِقِينَ تَجْرِي عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، فَحُكْمُ الدَّارِ الْآخِرَةِ غَيْرُ حُكْمِ دَارِ الدُّنْيَا.

وَقَوْلُهُ: " «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» " إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْإِخْبَارَ بِالْحَقِيقَةِ الَّتِي خُلِقُوا عَلَيْهَا، وَعَلَيْهَا الثَّوَابُ فِي الْآخِرَةِ إِذَا عَمِلَ بِمُوجِبِهَا وَسَلِمَتْ عَنِ الْمَعَارِضِ، لَمْ يُرِدْ بِهِ الْإِخْبَارَ بِأَحْكَامِ الدُّنْيَا، فَإِنَّهُ قَدْ عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ شَرْعِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ أَوْلَادَ الْكُفَّارِ يَكُونُونَ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَأَنَّ أَوْلَادَهُمْ لَا يُنْزَعُونَ مِنْهُمْ إِذَا كَانَ لِلْآبَاءِ ذِمَّةٌ، وَإِنْ كَانُوا مُحَارِبِينَ اسْتُرِقَّتْ أَوْلَادُهُمْ، وَلَمْ يَكُونُوا كَأَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَوْلَادَ الْكُفَّارِ الْأَحْيَاءَ مَعَ آبَائِهِمْ، لَكِنْ تَنَازَعُوا فِي الطِّفْلِ إِذَا مَاتَ أَبَوَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا هَلْ نَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ؟

قُلْتُ: وَفِيهِ عَنْ أَحْمَدَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ مَنْصُوصَاتٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>