أَصَابَهُمْ لِكَوْنِهِمْ أَوْلَادَ مَنْ لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لَهُمْ، وَعَلَى ذَلِكَ مُخَرَّجٌ الْحَدِيثُ سُؤَالًا وَجَوَابًا.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: ٢١] ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذُرِّيَّةَ الْكَافِرِينَ تَلْحَقُ بِهِمْ وَلَا يَلْحَقُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَذُرِّيَّاتِهِمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ فِي الْإِلْحَاقِ إِيمَانَ الْآبَاءِ، وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ إِلْحَاقِ ذُرِّيَّةِ الْمُؤْمِنِينَ بِآبَائِهِمْ، وَلَمْ يُخْبِرْ عَنْ ذُرِّيَّةِ الْكُفَّارِ بِشَيْءٍ، بَلِ الْآيَةُ حُجَّةٌ عَلَى نَقِيضِ مَا ادَّعَوْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِخْبَارُهُ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُصِ الْآبَاءَ بِهَذَا الْإِلْحَاقِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ شَيْئًا، فَكَيْفَ يُعَذِّبُ هَذِهِ الذُّرِّيَّةَ بِلَا ذَنْبٍ؟
الثَّانِي: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِلْحَاقَ مُخْتَصٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَلَا يُؤَاخَذُونَ إِلَّا بِكَسْبِهِمْ، فَقَالَ تَعَالَى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: ٢١] .
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ نُوحٍ أَنَّهُ قَالَ: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٧] ، وَالْفَاجِرُ وَالْكَفَّارُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ كُفَّارَ أَهْلِ زَمَانِهِ قَطْعًا، وَإِلَّا فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ قَدْ وَلَدَ بَعْضُهُمُ الْأَنْبِيَاءَ، كَمَا وَلَدَ آزَرُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ.
وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: " فَاجِرًا كَفَّارًا " حَالٌ مُقَدَّرَةٌ، أَيْ مَنْ إِذَا عَاشَ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute