للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رُوِيَ بِدُونِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ "، فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي زَادَهَا ثِقَةً ثَبْتٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، كَيْفَ وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ مِنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ! وَاخْتِصَارُ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ لَهَا لَا يَكُونُ قَادِحًا فِي رِوَايَةِ مَنْ زَادَهَا.

وَأَيْضًا، لَوْ لَمْ تُذْكَرْ فِي السُّؤَالِ لَكَانَ جَوَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَامِلًا لَهَا بِعُمُومِهِ، كَيْفَ وَإِنَّمَا كَانَتْ عَادَتُهُمْ وَأْدَ الصِّغَارِ لَا الْكِبَارِ! وَلَا يَضُرُّهُ إِرْسَالُ الشَّعْبِيِّ لَهُ، وَإِنَّمَا الْجَوَابُ الصَّحِيحُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ الْوَائِدَةَ وَالْمَوْءُودَةَ فِي النَّارِ " جَوَابٌ عَنْ تَيْنِكَ الْوَائِدَةِ وَالْمَوْءُودَةِ اللَّتَيْنِ سُئِلَ عَنْهُمَا، لَا إِخْبَارٌ عَنْ كُلِّ وَائِدَةٍ وَمَوْءُودَةٍ، فَبَعْضُ هَذَا الْجِنْسِ فِي النَّارِ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الشَّخْصُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي فِي النَّارِ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ بِشْرِ بْنِ مُوسَى، عَنْ هَوْذَةَ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ قَالَتْ:

[حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ:] قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: " «النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَوْءُودَةُ فِي الْجَنَّةِ» " رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عَوْفٍ.

وَأَخْبَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَتَعَارَضُ، فَيَكُونُ كَلَامُهُ دَالًّا عَلَى أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْجِنْسِ فِي الْجَنَّةِ، وَبَعْضَهُ فِي النَّارِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>