والآن يحق لنا التعليق على أحداث الصلب فنقول: إن اعتماد كتاب أحد الأناجيل على ما رواه كاتب إنجيل آخر، كان أولى به أن يوجد تآلفا بين الأناجيل، ويمنع التناقض والاختلاف بينها. ولكن ما حدث كان على النقيض من ذلك.
وإذا أخذنا بما ترويه الأناجيل عن الصلب وأحداثه، لوجدناها قد اختلفت فيه من الألف إلى الياء.
ويكفي أن يراجع القارئ ما ذكرته الأناجيل عن حادث القبض وملابساته - المحاكمات - توقيت الصلب (اليوم والساعة) - صرخة اليأس على الصليب - شهود الصلب، كل ذلك وغيره كثير يكفي للقول بأن الأناجيل اختلفت فيما بينها اختلافا بعيدا. وهو اختلاف يكفي لرفضه ما يذكره أحد الأناجيل - على الأقل - إذا أخذنا برواية الإنجيل الآخر. فأيهما نأخذ به، وأيهما نرفضه؟
رب قارئ درج على الإيمان التقليدي بما ترويه الأناجيل، لا يجد مفرا الآن من أن يقول:" إنما العلم عند الله ".