للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[دين المسيح كان التوحيد]

والآن بعد أن انتهينا من دراسة مصادر العقائد المسيحية من أناجيل وأسفار أخرى، ورأينا كيف جاءت هذه لتصير كتبا مقدسة، وماذا قال فيها علماء المسيحية، ثم ماذا حوت من تنبؤات استحال تحقيقها، ومن اختلافات وتناقضات وخاصة في القضايا الرئيسية مثل الصلب والقيامة والظهور، فإن السؤال الذي نختتم به هو: ماذا كانت حقيقة دين المسيح؟

إن المصادر المسيحية الموثوق فيها لا تملك سوى الإقرار بأن دعوة المسيح كانت توحيد الله، ثم ما لبثت أن دخل عليها صنوف من عقائد أهل الشرك حتى إذا ما جاء القرن الرابع الميلادي كانت عقيدة التثليث المسيحي واحدة من نتاج ما يسمى بالمجامع المسيحية المقدسة. إن هذا مجمل ما تذكره دائرة المعارف الأمريكية في قولها:

" لقد بدأت عقيدة التوحيد - كحركة لاهوتية - بداية مبكرة جدا في التاريخ، وفي حقيقة الأمر فإنها تسبق عقيدة التثليث بالكثير من عشرات السنين. لقد اشتقت المسيحية من اليهودية، واليهودية صارمة في عقيدة التوحيد. إن الطريق الذي سار من أورشليم (مجمع تلاميذ المسيح الأوائل) إلى نيقية (حيث تقرر مساواة المسيح بالله في الجوهر والأزلية عام ٣٢٥ م) كان من النادر القول بأنه كان طريقا مستقيما.

إن عقيدة التثليث التي أقرت في القرن الرابع الميلادي لم تعكس بدقة التعليم المسيحي الأول فيما يختص بطبيعة الله. لقد كانت على العكس من ذلك انحرافا عن هذا التعليم. ولهذا فإنها تطورت ضد التوحيد الخالص أو على الأقل يمكن القول بأنها كانت معارضة لما هو ضد التثليث كما أن انتصارها لم يكن كاملًا " (١) .


(١) دائرة المعارف الأمريكية: جـ ٢٧ - ص ٢٩٤.

<<  <   >  >>