للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قضيّة الصَّلب

ننتقل الآن لمناقشة قضية هامة وخطيرة هي قضية الصلب. . .

وأقولها الآن- بأمانة- إن من أكبر معجزات القرآن أنه نفى نفيا قاطعا القول بصلب المسيح. لقد قالها في آية واحدة، هي الآية رقم ١٥٧ (١) من سورة النساء. لكن قضايا أخرى مثل القول بأن الله هو المسيح أو أن المسيح ابن الله، ذكرها القرآن في مواضع كثيرة وتكفل بالرد عليها باعتبارها كفرا صريحا. ولقد استغرق الحديث عن قضية التوحيد وما يرتبط بها نحو ثلث الكتاب الكريم. ومن المعلوم أن سورة الإخلاص التي تقول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} {اللَّهُ الصَّمَدُ} {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} . - تعدل ثلث القرآن.

ويحق لنا أن نقول: لو أن القرآن كان من عند غير الله وأن بشرا من الأرض قد افتراه كذبا على الله وادعى أنه أوحي إليه، أما كان الأولى به والأيسر لرواج دعوته أن يقول بصلب المسيح، باعتبار ذلك شائعا ومعروفا بين الناس. وفي تلك الحال فإنه يستميل النصارى إليه ويقلل من المشاكل والعقبات التي تعترض قبولهم الإسلام.

إن الشواهد القريبة تبين أن تحول المسيحي من طائفة مسيحية إلى أخرى يمكن أن يحدث دون ضجة، وذلك لاشتراك تلك الطوائف في أصول عقائدية كثيرة. لقد بينت الشواهد البعيدة- في الزمن- أن تحول أصحاب العقائد التي شاعت في العالم الروماني الوثني إلى المسيحية كان يرجع بالدرجة الأولى إلى التشابه الكبير بين أصول تلك العقائد والعقيدة المسيحية التي شاركتها فكرة


(١) الآية من سورة النساء وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم. . .

<<  <   >  >>