ففي أقل من مائة عام، ورغم قلة عددهم، استطاع العرب الأمجاد، وقد اندفعوا- لأول مرة في تاريخهم- خارج حدود جزيرتهم المحرومة من مواهب النعم أن يستولوا على أغلب بقاع العالم المتحضر القديم، من الهند إلى الأندلس ".
وقد شغلت -في قوة- هذه القصة المجيدة تفكير أعظم عباقرة عصرنا هذا- أعنى نابليون بونابرت - الذي كان ينظر دائما إلى الإسلام باهتمام ومودة، فيقول عن نفسه في إحدى خطبه المشهورة بمصر، أنه " مسلم موحد ".
وقال لاس كازاس في كتابه " مذكرات سانت هيلين "، ج٣، صفحة ١٨٣:
" ويذكر الإسلام في أواخر أيامه، فيرى أننا إذا طرحنا جانبا الظروف العرضية التي تأتي بالعجائب، فلا بد أن يكون في نشأة الإسلام سر لا نعلمه، وأن هناك علة أولى مجهولة، جعلت الإسلام ينتصر بشكل عجيب على النصرانية، وربما كانت هذه العلة المجهولة أن هؤلاء القوم، الذين وثبوا فجأة من أعماق الصحارى قد صهرتهم -قبل ذلك- حروب داخلية عنيفة طويلة، تكونت خلالها أخلاق قوية، ومواهب عبقرية، وحماس لا يقهر أو ريما كانت هذه العلة شيئا آخر من هذا القبيل ".
ومن هذا المنطلق كان لقاؤنا بالخرطوم في الفترة من ٢٣ / ١ / ١٤٠١هـ، إلى ٢٩ / ١ / ١٤٠١هـ، الموافق ١ / ١٢ / ١٩٨٠، إلى ٧ / ١٢ / ١٩٨٠م، مع قادة الفكر النصراني وقادة الفكر الإسلامي وكان رجاؤنا أن يعي كل من المسلمين والمسيحيين على السواء هذه العبر ليضعوا المستشرقين والمبشرين في مكانهم الطبيعي وحجمهم الطبيعي.
وإزاء هذا لا ينبغي أن نتجاهل التيارات المعادية للإسلام ومن ورائها الغزو الفكري الصليبي والصهيوني والشيوعي تحت ستار الحضارة الحديثة الذي