ومتاعبها. وكذلك تعرض يوسف لمحن كثيرة بدأت بتآمر إخوته عليه، ثم بيعه إلى عزيز مصر ليخدم في بيته، ثم اتهامه بمداعبة امرأة العزيز، وأخيرًا برأه الله - سبحانه - وصار بعد ذلك الوزير الأول لملك مصر.
وكذلك كان أمر المسيح، فقبل أن يبدأ دعوته في سن الثلاثين - حسب كلام لوقا - نجده قد ذهب من بلدته الناصرة إلى البرية وبقي هناك أربعين يومًا بلا طعام ثم جاءه إبليس ليجربه بثلاث تجارب نجح فيها جميعًا، وانتصر على إبليس وأصبح بذلك معدًّا ليكون رسول الله.
ثم يقول إنجيل (لوقا ٤: ١٤-١٥) : " ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل، وخرج خبر عنه في جميع الكورة المحيطة. وكان يعلم في مجامعهم ممجدًا من الجميع ". ونجد في إنجيل (متى ٤: ١١) : " ثم تركه إبليس وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه ". لقد أعد المسيح للرسالة كما أعد سائر الأنبياء قبله. وهذه شهادة أقرب الناس إلى المسيح وأعني به بطرس رئيس التلاميذ الذي يقول في (سفر أعمال الرسل ٢: ٢٢) : " أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال. يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات الله وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم تعلمون ".
لم يقل بطرس إن المسيح هو الله، لكنه قال إنه رجل إنسان أجرى الله على يديه معجزات وآيات. وكذلك يقول بطرس في (سفر أعمال الرسل ١٠: ٣٨) : " يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس لأن الله كان معه ". لم يقل بطرس لأن الله كان معه كما كان مع كل الأنبياء والمرسلين. كل هذا يبين لنا أن المسيح إنسان بشر، وأنه رسول الله، وأنه نبي ظهر في بني إسرائيل كما ظهر أنبياء آخرون قبله.