وهنا نتوقف لنستعرض بعض النصوص التي تلقي الضوء على أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم ووصاياه في الحرب، سواء أكان ذلك في وقت الإعداد لها أم في وقت مباشرتها أم في أعقابها.
١- كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو المؤمنين إلى عدم تمني لقاء العدو، فكان يقول:
«لا تتمنوا لقاء العدو، وإذا لقيتموهم فاصبروا»(١) .
٢- ولقد كان صلى الله عليه وسلم حريصًا على منع القتال حتى بعد أخذ الأهبة له، فهو يقول لمعاذ بن جبل وقد أرسله إلى اليمن قائدًا:
«لا تقاتلوهم حتى تدعوهم، فإن أبوا فلا تقاتلوهم حتى يبدأوكم، فإن بدأوكم فلا تقاتلوهم حتى يقتلوا منكم قتيلًا، ثم أروهم ذلك، وتولوا لهم: هل إلى خير من هذا من سبيل، فلأن يهدي الله على يديك رجلًا واحدًا خير مما طلعت عليه الشمس وغربت» .
٣- ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف دعوته وحربه:«أنا نبي الرحمة، وأنا نبي الملحمة» .
والرحمة والملحمة متلازمتان في حروب النبي صلى الله عليه وسلم. . .!
فالرحمة الحقيقية إنما تكون في قطع أصول الفساد، وإيقاف انتشار الجريمة والشر.
٤- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي جنده بتأليف القلوب، لا بإتلاف النفوس، فهو يقول:«تألفوا الناس، وتأنوا بهم، ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم، فما على الأرض من أهل مدر أو وبر أن تأتوني بهم مسلمين، أحب إلي من أن تأتوني بأبنائهم ونسائهم وتقتلوا رجالهم» .
(١) الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في الجهاد ٣٢- ١١٢، ١٥٦، ومسلم في الجهاد ١٩ / ٢٠، وأبو داود في الجهاد ٨٩.