فما كان-صلى الله كليه وسلم- يستطيع أن يجيب عن كل سؤال يعرض عليه من قبل النساء بصراحة ووضوح، وإنما كان يكني في بعض الأحيان!
وربما لا تفهم المرأة السائلة مراده صلى الله عليه وسلم من كناياته.
«تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية غسلها من الحيض، فعلمها النبي صلى الله عليه وسلم كيف تغتسل، ثم قال لها:" خذي قرصة ممسكة- أي: قطعة من القطن بها أثر الطيب فتطهري بها "، قالت: كيف أتطهر بها؟ قال:" تطهري بها " قالت: كيف يا رسول الله أتطهر بها؟ قالت عائشة: فاجتذبتها من يدها، فقلت: ضعيها في مكان كذا وكذا وتتبعي بها أثر الدم!» ولعله من فضول القول أن نقول إن كثيرًا من الأحكام الخاصة بالمرأة رويت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أنه قال:
" ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا ".
وقال مسروق:
" رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض ".
وقال عروة بن الزبير:
" ما رأيت امرأة أعلم بطب ولا فقه ولا شعر من عائشة ".
ولا عجب فهذه كتب الحديث تشهد بعلمها الغزير، وعقلها الكبير، فلم يرو في الصحيح عن أحد من الرجال أكثر مما روي عنها إلا ما روي عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم.