للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائل: فإن أهل الكتابين لا يصدقون هذه البشارات ولا يقولون بها؟

قلنا له: هذا مستحيل عقلًا؛ لأن الكثيرين من علماء أهل الكتاب وعامتهم، دخلوا في الإسلام وحسن إسلامهم، وما كان لهم أن يدخلوا ذلك الدين الذي يكذب عليهم في أوضح ما لديهم من مقررات.

فإن قال قائل: إذا كنتم تعتمدون على كتبنا في صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والتبشير به، فإن كتبنا على هذا تكون صحيحة، ومبرأة عما وصفتموها به من التبديل والتحريف؟

قلنا له: إن هذه التوراة والإنجيل فيها حق ولا طل. . . وقد اختلط هذا بهذا. . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم» {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (١)

وينقل الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث قول الشافعي:

" أي: إذا كان ما يخبرونكم به محتملًا، لئلا يكون في نفس الأمر صدقًا فتكذبوه، أو كذبًا فتصدقوه، فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه، ولا عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفاقه ".

ولا شك أن البشارات بالنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم من النوع الذي تواطأ على الإخبار به ما جاء في القرآن الكريم، وما أقرته كتب القوم، وقد أسلفنا في حديث (الشيخ إبراهيم خليل أحمد) شيئًا من هذا، وهو كثير لمن أراد أن يتتبعه ويحصيه.


(١) سورة العنكبوت، آية ٤٦.

<<  <   >  >>