للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسوع هو الذي انتزع نفسه بعيدا عن أصحابه، وأنه كان في ألم مبرح، وأن عرقه صار مثل قطرات الدم.

وعندما نتذكر الشجاعة والثبات التي واجه بها الموت رجال آخرون شجعان بكل أشكاله البربرية وما كان يصحب ذلك من تعذيب مفرط، فلا يسعنا إلا أن نتساءل عن ماهية الكأس التي كان يسوع يرجو الله- في صلاته- أن يجيزها عنه. إن صلاة يسوع ترينا أن عذاب الشك كان أحد عناصر محنته المعقدة.

فلكم تنبأ بآلامه لكنه الآن عشية حدوثها نجده ينكص على عقبيه.

هذا- ولما كانت بعض المراجع القديمة تحذف العددين ٤٣، ٤٤ اللذين يقولان: (وظهر له ملاك من السماء يقويه. وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة، وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض) ، ورغم وجودهما في أغلب النسخ وإلمام علماء المسيحية في القرن الثاني بهما " فإن هذا الحذف يمكن إرجاع سببه (كما يقول جورج كيرد) إلى فهم أحد الكتبة بأن صورة يسوع هنا، وقد اكتنفها الضعف البشري، كان يتضارب مع اعتقاده في الابن الإلهي الذي شارك أباه في قدرته القاهرة " (١) .

فإذا سلمنا بأن هذا هو حقيقة ما حدث للمسيح في الحديقة فإن هذا يعني بوضوح أنه لم يكن يتوقع القتل إطلاقا. وبالنسبة لعذاب الشك الذي أصابه فيمكن إرجاعه إلى أنه لا بد وقد اطمأن مسبقا إلى أن أعداءه لن يتمكنوا من اصطياده- وهو ما سوف نعود إلى الحديث عنه بشيء من التفصيل تحت عنوان: " تنبؤات المسيح بنجاته من القتل " - أما وقد رأى أعداءه على وشك اصطياده، فهناك أصابه عذاب الشك فيما إذا كان سينجو حقا أم أنهم سيقضون عليه.


(١) تفسير إنجيل لوقا: ص٢٤٣.

<<  <   >  >>