[١٠٩ - قول العلامة عبد الرحمن المعلمي (المتوفى: ١٣٨٦)]
قال رحمه الله كما في آثار الشيخ عبد الرحمن المعلمي (٤/ ١٦٠): "وأما ما ورد من آيات الصفات وأحاديثها فالذي يُفهَم منها هو أن لله جل ذكره مطلق يد ووجه ونحو ذلك مما ورد، أما أن يدل على ماهية أو كيفية ونحوها فلا، بل لو قيل: إن ملَكا من الملائكة له رأس لما فهِم منه إلا أنّ له رأسًا فحسب فأما تفصيله فكلاّ.
وذلك أن الماهية والكيفية ونحوها لا تُفهم بمجرد ذكر الرأس مثلا، وإنما يحكم الإنسان على الشيء الغائب عنه إذا كان قد عرف نوعه ...
فإن قالوا: إن ظاهرها هو أن المراد باليد يدٌ كأيدينا، وبالوجه وجهٌ كوجوهنا، ونحو ذلك، فغير مسلَّم؛ لما مرَّ أنها لا تُفهِم إلا مطلق يد ووجه ونحوها مما ورد، فإن تصوَّرَ الإنسان ماهية أو كيفية أو كمية، فهو يعلم أنّ ذلك تخيلٌ بحتٌ ...
وإن قالوا: إنّ ظاهرها هو إثبات مطلق اليد والوجه ونحوها مما ورد، وزعموا أنّ ذلك من أصله محال، فلا ولا كرامة، فإن العليم الخبير أنزل تلك الآيات البينات غير جاهل ولا غافل، وقد أنزل القرآن عربيًا مبينا، وكلف العرب بما فهمته من كتابه ومن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا شك أنهم عند سماع هذه الآيات يفهمون منها ظاهرها غالبًا، أي: ثبوت مطلق يد ووجه ونحوهما مما ورد ...
وأما قولهم بأنّ العقل يصرفها عن ظاهرها، وكان العرب عقلاء يعلمون عظمة الجبار جل جلاله، ويقطعون بتنزُّهه عن ظواهر تلك الآيات، وإن فُرض ضلالُ أحد منهم فهو لتقصيره في عدم النظر بالعقل.
فجوابه: أنّ العقل غايته إدراك انتفاء النقائص عن الله سبحانه وتعالى، تفصيلا فيما يقطع بكونه نقيصة، وإجمالاً فيما عدا ذلك.
ومطلق اليد والوجه اللائقين بجلال الرب سبحانه وتعالى ونحوهما مما ورد لا يقطع العقل الصحيح بكون ذلك من النقائص، كما في السمع والبصر وغيرهما من الصفات، ومن اعتقد أنّ ذلك من النقائص فقد غلط.
ومثار الغلط: التصوّر؛ فإن الذهن إذا تصور مطلق اليد والوجه ونحوهما تصوّر ماهية وكمية جريًا على ما يعتاده ويعرفه في المحسوسات، فيغلط بعض النظار، فيظن لشدة تلازمهما في الذهن تلازمهما في الخارج، وليس كذلك".