[٤٢ - قول الإمام محمد بن خفيف الشيرازي (المتوفى: ٣٧١)]
قال محمد بن خفيف الشيرازي في كتابه "اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات" كما في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (٥/ ٧٢ - ٧٥): "فأول ما نبتدئ به ما أوردنا هذه المسألة من أجلها ذكر أسماء الله عز وجل في كتابه وما بين صلى الله عليه وسلم من صفاته في سنته، وما وصف به عز وجل مما سنذكر قول القائلين بذلك مما لا يجوز لنا في ذلك أن نرده إلى أحكام عقولنا بطلب الكيفية بذلك، ومما قد أمرنا بالاستسلام له ...
فقد صرح بظاهر قوله أنه أثبت لنفسه نفسًا، وأثبت له الرسول ذلك، فعلى من صدق الله ورسوله اعتقاد ما أخبر به عن نفسه، ويكون ذلك مبنيا على ظاهر قوله:{ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ...
ومما تعرف الله إلى عباده أن وصف نفسه أن له وجها موصوفا بالجلال والإكرام، فأثبت لنفسه وجها ... ثم إن الله تعالى تعرف إلى عباده المؤمنين أن قال له يدان قد بسطهما بالرحمة - وذكر الأحاديث في ذلك، ثم ذكر شعر أمية بن أبي الصلت، ثم ذكر حديث:«يلقى في النار وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع فيها رجله» وهي رواية البخاري، وفي رواية أخرى «يضع عليها قدمه». ثم ما رواه مسلم البطين عن ابن عباس: أن الكرسي موضع القدمين، وأن العرش لا يقدر قدره إلا الله، وذكر قول مسلم البطين نفسه، وقول السدي، وقول وهب بن منبه وأبي مالك، وبعضهم يقول: موضع قدميه، وبعضهم يقول واضع رجليه عليه- ثم قال: "فهذه الروايات قد رويت عن هؤلاء من صدر هذه الأمة موافقة لقول النبي صلى الله عليه وسلم متداولة في الأقوال ومحفوظة في الصدر، ولا ينكر خلف عن السلف، ولا ينكر عليهم أحد من نظرائهم، نقلتها الخاصة والعامة مدونة في كتبهم إلى أن حدث في آخر الأمة من قلّل الله عددهم ممن حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مجالستهم ومكالمتهم وأمرنا أن لا نعود مرضاهم ولا نشيع جنائزهم، فقصد هؤلاء إلى هذه الروايات فضربوها بالتشبيه، وعمدوا إلى الأخبار فعملوا في دفعها إلى أحكام المقاييس، وكفروا المتقدمين وأنكروا على الصحابة والتابعين، وردوا على الأئمة الراشدين، فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل".
وقال أيضًا كما في مجموع الفتاوى (٥/ ٨٠): "والخلة والمحبة صفتان لله هو موصوف بهما ولا تدخل أوصافه تحت التكييف والتشبيه، وصفات الخلق من المحبة والخلة جائز عليها الكيف، فأما صفاته تعالى فمعلومة في العلم، وموجودة في التعريف، قد انتفى عنهما التشبيه، فالإيمان به واجب، واسم الكيفية عن ذلك ساقط".