في الأسماء والصفات للبيهقي (٢/ ٣٠٥ - ٣٠٦) عن يحيى بن يحيى التميمي قال: كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فكيف استوى؟ قال: فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعا. فأمر به أن يخرج".
وفي شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي (٣/ ٣٩٨) عن جعفر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ قال: فما رأيت مالكا وجد من شيء كموجدته من مقالته، وعلاه الرحضاء -يعني: العرق- قال: وأطرق القوم وجعلوا ينتظرون ما يأتي منه فيه، قال: فسرّي عن مالك فقال: الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فإني أخاف أن تكون ضالا. وأمر به فأُخرج".
وفي التمهيد للحافظ ابن عبد البر (٧/ ١٣٨) أن عبدالله بن نافع قال: قال مالك بن أنس: الله عز وجل في السماء، وعلمه في كل مكان لا يخلو منه مكان. قال: وقيل لمالك {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فقال مالك رحمه الله: استواؤه معقول، وكيفيته مجهولة، وسؤالك عن هذا بدعة، وأراك رجل سوء".
وفي العقيدة النظامية لإمام الحرمين الجويني (ص:٣٤): "وما استحسن من كلام إمام دار الهجرة
رضي الله عنه وهو مالك بن أنس أنه سئل عن قوله تبارك وتعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فقال: الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة، والسؤال عنه بدعة".
وفي ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض (٢/ ٣٩) "قال سفيان بن عيينة: سأل رجل مالكاً، فقال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى يا أبا عبد الله؟ فسكت مالك ملياً حتى علاه الرحضاء، وما رأينا مالكاً وجد من شيء وجده من مقالته، وجعل الناس ينتظرون ما يأمر به، ثم سري عنه، فقال: الاستواء منه معلوم، والكيف منه غير معقول، والسؤال عن هذا بدعة، والإيمان به واجب، وإني لأظنك ضالاً أخرجوه عني" (١).
وفي عارضة الأحوذي لأبي بكر ابن العربي (٣/ ١٦٦): "وذهب مالك رحمه الله أن كل حديث منها-أي أحاديث الصفات - معلوم المعنى، ولذلك قال للذي سأله: الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة".
(١) قال الحافظ ابن القيم في مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: ٣٩٠): "ولما سئل مالك وسفيان بن عيينة وقبلهما ربيعة بن عبد الرحمن عن الاستواء فقالوا: الاستواء معلوم، تلقى ذلك عنهم جميع أئمة الإسلام، ولم يقل أحد منهم إنه يحتاج إلى صرفه عن حقيقته إلى مجازه، ولا أنه مجمل له مع العرش خمسة عشر معنى، وقد حرّف بعضُهم كلامَ هؤلاء الأئمة على عادته فقال: معناه الاستواء معلوم لله، فنسبوا السائل إلى أنه كان يشك هل يعلمُ اللهُ استواءَ نفسه أو لا يعلمه، ولما رأى بعضهم فساد هذا التأويل قال: إنما أراد به أن ورود لفظه في القرآن معلوم، فنسبوا السائل والمجيب إلى الغفلة، فكأن السائل لم يكن يعلم أن هذا اللفظ في القرآن، وقد قال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فلم يقل: هل هذا اللفظ في القرآن أو لا؟ ونسبوا المجيب إلى أنه أجابه بما يعلمه الصبيان في المكاتب ولا يجهله أحد، ولا هو مما يحتاج إلى السؤال عنه ولا استشكله السائل، ولا خطر بقلب المجيب أنه يسأل عنه".