للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣١ - قول إمام الأئمة محمد ابن خزيمة (المتوفى: ٣١١)]

قال ابن خزيمة في كتاب التوحيد (ص: ١١٧): "أما خبر ابن مسعود فمعناه أن الله جل وعلا يمسك ما ذُكر في الخبر على أصابعه على ما في الخبر، سواء قبل تبديل الله الأرض غير الأرض، لأنّ الامساك على الأصابع غير القبض على الشيء، وهو مفهوم في اللغة التي خوطبنا بها".

وقال أيضًا (ص: ٣٣٩): "باب ذكر إثبات ضحك ربنا عز وجل بلا صفة تصف ضحكه جل ثناؤه لا ولا يشبّه ضحكه بضحك المخلوقين وضحكهم كذلك، بل نؤمن بأنه يضحك كما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم ونسكت عن صفة ضحكه جل وعلا؛ إذ الله عز وجل استأثر بصفة ضحكه لم يطلعنا على ذلك، فنحن قائلون بما قال النبي صلى الله عليه وسلم مصدقون بذلك بقلوبنا منصتون عما لم يبين لنا مما استأثر الله بعلمه".

وقال أيضًا (ص:١٦٣ - ١٦٤): "وألم تسمعوا قول خالقنا: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} أليس معلوما في اللغة السائر بين العرب التي خوطبنا بها وبلسانهم نزل الكتاب أن تدبير الأمر من السماء إلى الأرض إنما يدبره المدبر وهو في السماء لا في الأرض، كذلك مفهوم عندهم أن المعارج المصاعد قال الله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} وإنما يعرج الشيء من أسفل إلى أعلى وفوق لا إلى دون وأسفل. فتفهَّموا لغة العرب لا تغالطوا.

وقال جل وعلا: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} فالأعلى مفهوم في اللغة أنه أعلى شيء، وفوق كل شيء، والله قد وصف نفسه في غير موضع من تنزيله ووحيه أعلمنا أنه العلي العظيم".

وقال أيضًا (ص: ١٨٥): "نشهد شهادة مقر بلسانه، مصدق بقلبه مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب من غير أن نصف الكيفية، لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا، ... فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الاخبار من ذكر النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفيه النزول.

وفي هذه الأخبار ما بان وثبت وصح أن الله جل وعلا فوق سماء الدنيا الذي أخبرنا نبينا أنه ينزل إليه؛ إذ محال في لغة العرب أن يقول نزل من أسفل إلى أعلى، ومفهوم في الخطاب أن النزول من أعلى إلى أسفل".

وقال أيضًا (١/ ١٨): "فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة واليمن والعراق والشام ومصر، مذهبنا: أنا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه، نقر بذلك بألسنتنا، ونصدق ذلك بقلوبنا، من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين، عز ربنا عن أن يشبه المخلوقين، وجل ربنا عن مقالة المعطلين، وعز أن يكون عدما كما قاله المبطلون، لأن ما لا صفة له عدم، تعالى الله عما يقول الجهميون الذين ينكرون صفات خالقنا الذي وصف بها نفسه في محكم تنزيله، وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم".

وقال أيضًا (ص: ١٦٢): "وقال الله عز وجل: {بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ} ومحال أن يهبط الإنسان من ظهر الأرض إلى بطنها أو إلى موضع أخفض منه وأسفل فيقال رفعه الله إليه؛ لأن الرفعة في لغة العرب الذين بلغتهم خطوبنا لا تكون إلا من أسفل إلى أعلى وفوق".

<<  <   >  >>