٤٦ - قول الإمام عبيد الله بن محمد العُكْبَري المعروف بابن بَطَّة (المتوفى: ٣٨٧):
قال ابن بطة في الإبانة الكبرى (٧/ ١٣٧): "وقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وَقَالَ:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}، وَقَالَ:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطِّيبُ}، فهل يكون الصعود إلا إلى ما علا".
وقال أيضًا (٧/ ٢٣٩ - ٢٤٠:"فإذا قامت الحجة على الجهمي وعلم صحة هذه الأحاديث ولم يقدر على جحدها، قال: الحديث صحيح، وإنما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:«ينزل ربنا في كل ليلة» ينزل أمره.
قلنا: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل الله عز وجل»، «وينزل ربنا» ولو أراد أمره لقال: ينزل أمر ربنا.
فيقول: إن قلنا: ينزل، فقد قلنا: إنه يزول والله لا يزول ولو كان ينزل لزال؛ لأن كل نازل زائل.
فقلنا: أو لستم تزعمون أنكم تنفون التشبيه عن رب العالمين؟ فقد صرتم بهذه المقالة إلى أقبح التشبيه، وأشد الخلاف؛ لأنكم إن جحدتم الآثار، وكذبتم بالحديث، رددتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله، وكذبتم خبره، وإن قلتم: لا ينزل إلا بزوال، فقد شبهتموه بخلقه، وزعمتم أنه لا يقدر أن ينزل إلا بزواله على وصف المخلوق الذي إذا كان بمكان خلا منه مكان، لكنا نصدق نبينا صلى الله عليه وسلم ونقبل ما جاء به، فإنا بذلك أمرنا وإليه ندبنا، فنقول كما قال: ينزل ربنا عز وجل، ولا نقول: إنه يزول، بل ينزل كيف شاء، لا نصف نزوله، ولا نحده ولا نقول: إن نزوله زواله".
وقال أيضًا (٦/ ٣٠٥): "فالذي أنطق كل شيء من غير الحيوان الناطق من غير جوف ولا لسان ولا شفتين قادر أن يتكلم هو بما شاء كيف شاء لمن شاء، ولا نقول بلسان ولا بجوف ولا شفتين".
وقال أيضاً (٧/ ٢٤٤): "وكل ما جاء من هذه الأحاديث، وصحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرض على المسلمين قبولها، والتصديق بها، والتسليم لها، وترك الاعتراض عليها، وواجب على من قبلها وصدق بها أن لا يضرب لها المقاييس، ولا يتحمل لها المعاني والتفاسير، لكن تمر على ما جاءت ولا يقال فيها: لم؟ ولا كيف؟ ".