[٨٥ - قول الحافظ محمد بن عبد الهادي (المتوفى: ٧٤٤)]
قال ابن عبد الهادي الصارم المنكي (ص: ٢٢٩): "واعلم أن السلف الصالح ومن سلك سبيلهم من الخلف متفقون على إثبات نزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا وكذلك هم مجمعون على إثبات الإتيان والمجيء، وسائر ما ورد من الصفات في الكتاب والسنة من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، ولم يثبت عن أحد من السلف أنه تأول شيئاً من ذلك".
وقال أيضًا في الصارم المنكي (ص: ٢٣٠): "قال أبو الطيب أحمد بن عثمان: حضرت عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا، فالنزول كيف يكون، يبقى فوقه علو؟ فقال أبو جعفر الترمذي: النزول معقول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
وأبو جعفر هذا اسمه محمد بن أحمد بن نصر، وكان من كبار فقهاء الشافعية ومن أهل العلم والفضل والزهد في الدنيا، أثنى عليه الدارقطني وغيره، وقد قال في النزول كما قال مالك رحمه الله في الاستواء، وهكذا القول في سائر الصفات".
ونقل (ص: ٢٣٢ - ٢٣٣) عن القائلين بنزول الرب تبارك وتعالى مع عدم خلو العرش أنهم قالوا: "وما ذكره مخالفنا من أنا ننفي معنى النزول بالكلية أو نفسره بأمر لا يعقل، باطل، بل النزول عندنا أمر معلوم معقول غير مجهول، وهو قرب الرب تبارك وتعالى من خلقه كيف يشاء، وقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: ينزل ربنا، كقوله تعالى:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} وقد ثبت أن الذي تجلى منه مثل الخنصر، أو مثل طرف الخنصر مع إضافة التجلي إليه، فكذلك النزول من غير فوق، ولا يلزمنا على هذا ما لزمكم من إحاطة المخلوق بالخالق وكونه غير عليّ عظيم".
ونقل (ص: ٢٣١) عن القائلين بخلو العرش قولهم: "وقد عُلم أنّ نزول الرب تبارك وتعالى أمر معلوم معقول كاستوائه وباقي صفاته، وإن كانت الكيفية مجهولة غير معقولة، وهو ثابت حقيقة لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة".