ويؤكد ما قلناه أنّ كلام أبي عثمان الصابوني عام في جميع الصفات، وذكَرَ من جملة الصفات العلم والقدرة والسمع والبصر، وهذه الصفات لا يُفوَّض أصل المعنى فيها عند جميع مثبتي صفات الله تعالى. ومما ينبغي التنبيه عليه أنّ مما يُستعان به على معرفة مراد المتكِّلم هو جمع كلامه، وتفسير بعضه ببعض، ومعرفة عادته في ألفاظه ومعانيه، فلا يُحمل لفظه وكلامه على خلاف ما جرت عادته باستعماله فيه، بل يحمل على ما يتفق مع سائر كلامه حتى لا يكون متناقضًا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح (٤/ ٤٤): "يجب أن يفسَّر كلام المتكلّم بعضه ببعض، ويؤخذ كلامه هاهنا وهاهنا، وتعرف ما عادته يعينه ويريده بذلك اللفظ إذا تكلّم به، وتعرّف المعاني التي عرف أنه أرادها في موضع آخر، فإذا عرف عرفه وعادته في معانيه وألفاظه كان هذا مما يستعان به على معرفة مراده. وأما إذا استعمل لفظه في معنى لم تجر عادته باستعماله فيه وترك استعماله في المعنى الذي جرت عادته باستعماله فيه، وحمل كلامه على خلاف المعنى الذي قد عرف أنه يريده بذلك اللفظ بجعل كلامه متناقضا، وترك حمله على ما يناسب سائر كلامه، كان ذلك تحريفا لكلامه عن موضعه وتبديلا لمقاصده وكذبا عليه".