للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤ - قول الإمام عثمان بن سعيد الدارمي (المتوفى: ٢٨٠) (١):

قال عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (ص: ٦٧) بعد ذكره لقول مالك السابق: "وصدق مالك، لا يعقل منه كيف، ولا يجهل منه الاستواء، والقرآن ينطق ببعض ذلك في غير آية".

وقال أيضًا في النقض على المريسي (١/ ٢٨٩ - ٢٩١): "فإذا قال: ضربني فلان بيده، وأعطاني الشيء بيده، وكتب لي بيده استحال أن يقال: ضربني بنعمته، وعلم كل عالم بالكلام أنها اليد التي بها يضرب وبها يكتب وبها يعطي لا النعمة ...

ولا يجوز الكلام في آيات الصفات وأحاديث الإثبات لها ونفي المثلية عنها والإيمان بها إلا بما يعرف من اللغة العربية على سياق الكلام وملازمته. والله أعلم.

ولا يجوز لك أيها المريسي أن تنفي اليد التي هي اليد لما أنه وجد في فرط كلام العرب أن اليد قد تكون نعمة وقوة، ولكن هذا في سياق الكلام معقول، وذلك في سياق الكلام معقول، فلما قال الله

عز وجل: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} استحال فيهما كل معنى إلا اليدين كما قال العلماء الذين حكينا عنهم".

وقال أيضًا في النقض على المريسي (٢/ ٦٨٩): "لكنا نثبت له السمع والبصر والعين بلا تكييف، كما أثبته لنفسه فيما أنزل من كتابه، وأثبته له الرسول ... وقد روينا روايات السمع والبصر والعين في صدر هذا الكتاب بأسانيدها وألفاظها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنقول كما قال، ونعني بها كما عنى، والتكييف عنا مرفوع".

وقال أيضًا في الرد على الجهمية (ص: ٩٤ - ٩٥): "قال: فقال قائل منهم: معنى إتيانه في ظلل من الغمام ومجيئه والملك صفا صفا كمعنى كذا وكذا.

قلت: هذا التكذيب بالآية صراحا، تلك معناها بيّن للأمة، لا اختلاف بيننا وبينكم وبين المسلمين في معناها المفهوم المعقول عند جميع المسلمين.

فأما مجيئه يوم القيامة وإتيانه في ظلل من الغمام والملائكة فلا اختلاف بين الأمة أنه إنما يأتيهم يومئذ كذلك لمحاسبتهم وليصدع بين خلقه ويقررهم بأعمالهم ويجزيهم بها، ولينصف المظلوم منهم من الظالم، لا يتولى ذلك أحد غيره تبارك اسمه وتعالى جده، فمن لم يؤمن بذلك لم يؤمن بيوم الحساب".

وقال أيضًا في النقض على المريسي (٢/ ٧٥١): "فيقال لهذا المعارض: نراك قد كثرت لجاجتك في ردّ هذا الحديث، إنكارا منك لوجه الله تعالى، إذ تجعل ما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين معقول في سياق اللفظ أنه وجه الله نفسه ... فإن لم تتحول العربية عن معقولها إنه لوجه حقا كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وقال أيضًا في النقض على المريسي (١/ ٣٤٣ - ٣٤٤): "علم بما قصّ الله من الدليل، وبما حدّ لنزول الملائكة يومئذ أن هذا إتيان الله بنفسه يوم القيامة ليلي محاسبة حلقه بنفسه، لا يلي ذلك أحد غيره، وأن معناه مخالف لمعنى إتيان القواعد، لاختلاف القضيتين ... وإنما يصرف كل معنى إلى المعنى الذي ينصرف إليه ويحتمله في سياق القول، ...

والقرآن عربي مبين، تصرف معانيه إلى أشهر ما تعرفه العرب في لغاتها، وأعمها عندهم".

وقال أيضًا في النقض على المريسي (٢/ ٧٨٠): "ثم لم تأنف من هذا التأويل حتى ادعيت على قوم من أهل السنة أنهم يفسرون ضحك الله على ما يعقلون من أنفسهم، وهذا كذب تدعيه عليهم؛ لأنا لم نسمع أحدا منهم يشبه شيئا من أفعال الله تعالى بشيء من أفعال المخلوقين، ولكنا نقول: هو نفس الضحك، يضحك كما يشاء، وكما يليق به".

وقال أيضًا في الرد على الجهمية (ص: ٩٣ - ٩٤): "لم نكلّف معرفة كيفية نزوله في ديننا، ولا تعقله قلوبنا، وليس كمثله شيء من خلقه، فنشبه منه فعلا أو صفة بفعالهم وصفتهم، ولكن ينزل بقدرته ولطف ربوبيته كيف يشاء، فالكيف منه غير معقول، والإيمان بقول رسول الله في نزوله واجب، ولا يُسأل الرب عما يفعل كيف يفعل وهم يسألون، لأنه القادر على ما يشاء أن يفعله كيف يشاء، وإنما يقال لفعل المخلوق الضعيف الذي لا قدرة له إلا ما أقدره الله تعالى عليه كيف يصنع؟ وكيف قدر؟ ".


(١) قال ابن حبان في الثقات (٨/ ٤٥٥): "عثمان بن سعيد الدارمي، أبو سعيد السجستاني، سكن هراة، أحد أئمة الدنيا".

<<  <   >  >>