للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرجعا إلّا بعد انتهاء الحرب، وعثمان بن عفّان لأن الرسول عليه الصلاة والسلام خلّفه على ابنته رقيّة يمرضها، وعاصم بن عدي «١» لأنه خلفه على أهل قباء والعالية، وكذلك أسهم لمن قتل ببدر وهم أربعة عشر منهم عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الذي جرح في المبارزة الأولى، فإنه رضي الله عنه مات عند رجوع المسلمين من بدر ودفن بالصّفراء «٢» . ولما قارب عليه الصلاة والسلام المدينة تلقته الولائد بالدفوف يقلن:

طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع

أيّها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع

[أسرى بدر]

ولما دخلوا المدينة استشار عليه الصلاة السلام أصحابه فيما يفعل بالأسرى، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله قد كذّبوك وقاتلوك وأخرجوك فأرى أن تمكّنني من فلان لقريب له فأضرب عنقه، وتمكّن حمزة من أخيه العباس، وعليّا من أخيه عقيل «٣» . وهكذا حتى يعلم الناس أنه ليس في قلوبنا مودّة للمشركين، ما أرى أن تكون لك أسرى، فاضرب أعناقهم، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم.

ووافقه على ذلك سعد بن معاذ وعبد الله بن رواحة، وقال أبو بكر: يا رسول الله هؤلاء أهلك وقومك قد أعطاك الله الظفر والنصر عليهم، أرى أن تستبقيهم وتأخذ الفداء منهم فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفّار، وعسى أن الله يهداهم بك فيكونوا لك عضدا. فقال عليه الصلاة والسلام: إنّ الله ليلين قلوب أقوام حتى تكون ألين من اللبن، وإنّ الله ليشدد قلوب أقوام حتى تكون أشدّ من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم قال فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ


(١) حليف الأنصار كان سيد بني عجلان وهو أخو معن بن عدي يكنى أبا عمرو وشهد أحدا وما بعدها مات سنة خمس وأربعين وهو ابن مائة وخمس عشرة.
(٢) بقعة بين مكّة والمدينة.
(٣) أسلم عام الحديبية وفي الإصابة تأخر إسلامه إلى عام الفتح. سكن البصرة، ومات بالشام، في خلافة معاوية. روى عن النبي أحاديث. وكان أسن من جعفر بعشر سنين، وكان جعفر أسن من علي بعشر سنين، وكان طالب أسن من عقيل بمثل ذلك.

<<  <   >  >>