للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشمس تجري في وجهه، وإذا ضحك يتلألأ في الجدر «١» . وفي حديث ابن أبي هالة: يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر. وقال علي رضي الله عنه في اخر وصفه له: من راه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله، ولا بعده مثله صلّى الله عليه وسلّم «٢» .

[نظافة جسمه وطيب ريحه ص]

وأما نظافة جسمه وطيب ريحه وعرقه، ونزاهته عن الأقذار، وعورات الجسد «٣» ، فكان قد خصّه الله تعالى في ذلك بخصائص لم توجد في غيره، ثم تمّمها بنظافة الشرع. قال عليه الصلاة والسلام: «بني الدّين على النظافة «٤» » .

وقال أنس: ما شممت عنبرا قطّ، ولا مسكا، ولا شيئا أطيب من ريح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وعن جابر بن سمرة أنه عليه الصلاة والسلام مسح خدّه؛ قال: فوجدت ليده بردا وريحا؛ كأنما أخرجها من جؤنة «٥» عطار. قال غيره: مسّها بطيب أولم يمسّها، يصافح المصافح، فيظل يومه يجد ريحها؛ يضع يده على رأس الصبي، فيعرف من بين الصّبيان بريحها، وروى البخاري في تاريخه الكبير عن جابر: لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم يمرّ في طريق فيتبعه أحد إلّا عرف أنه سلكه من طيبه «٦» .

[وفور عقله ص]

وأما وفور عقله صلّى الله عليه وسلّم، وذكاء لبه، وقوة حواسه، وفصاحة لسانه، واعتدال حركاته، وحسن شمائله، فلا مرية «٧» أنه كان أعقل الناس وأذكاهم، ومن تأمّل تدبيره أمر بواطن الخلق وظواهرهم، وسياسته للعامة والخاصة، مع عجيب شمائله، وبديع سيره، فضلا عمّا أفاد من العلم، وقرّره من الشرع، دون تعلّم سبق، ولا ممارسة تقدّمت، ولا مطالعة للكتب منه، لم يمتر في رجحان عقله، وثقوب فهمه «٨» لأول بديهة؛ وكان عليه الصلاة والسلام إذا قام في الصلاة يرى


(١) أي نور وجهه الشريف يشرق اشراقا يصل إلى الجدران المقابلة كما يكون ذلك من الشمس.
(٢) الشمائل المحمدية للترمذي والشيخان.
(٣) أي عيوبه.
(٤) رواه ابن حيان في الضعفاء عن عائشة بلفظ تنظفوا فإن الإسلام نظيف ورواه الطبراني في الأوسط والدارقطني ورواه الترمذي بسند ضعيف بلفظ أن الله نظيف يحب النظافة.
(٥) رواه مسلم. هي التي يعيد فيها الطيب ويدخره.
(٦) رواه البخاري في التاريخ الكبير والدرامي والبزار والطبراني في الأوسط وأبي الشيخ وجود اسناده السيوطي.
(٧) أي لا شك.
(٨) نافذ الرأي ينظر إليه بدقة.

<<  <   >  >>