للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيده شيئا قطّ إلّا أن يجاهد في سبيل الله، وما ضرب خادما ولا امرأة «١» ، فصلى الله تعالى عليه، وأقر عينه باتّباع المسلمين سنّته.

وأما الجود والكرم والسخاء والسماحة، فكان عليه الصلاة والسلام لا يوازى في هذه الأخلاق الكريمة، ولا يبارى بهذا وصفه كل من عرفه. قال جابر رضي الله عنه: ما سئل عليه الصلاة والسلام عن شيء فقال: لا «٢» وقال ابن عباس:

كان عليه الصلاة والسلام أجود الناس بالخير، وأجود ما كان في شهر رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة «٣» . وقالت خديجة في صفته عليه الصلاة والسلام مخاطبة له: إنك تحمل الكلّ، وتكسب المعدوم «٤» . وحسبك شاهدا في هذا الباب ما فعله مع هوازن من ردّ السبي إليها، وما فعله يوم تقسيم السبي من إعطاء المؤلفة قلوبهم عظيم الأعطية. وقد استوفينا ذلك في موضعه.

وحمل إليه عليه الصلاة والسلام تسعون ألفا فوضعها على حصير، وأخذ يقسمها، فما قام حتى فرغ منها. وجاءه رجل فسأله فقال: «ما عندي شيء، ولكن ابتع عليّ، فإذا جاءنا شيء قضيناه» . فقال له عمر: ما كلّفك الله ما لا تقدر عليه، فكره ذلك عليه الصلاة والسلام، فقال له رجل من الأنصار: يا رسول الله أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا، فتبسّم عليه الصلاة والسلام وعرف البشر في وجهه وقال: بهذا أمرت «٥» والأخبار بجوده وكرمه عليه الصلاة والسلام كثيرة يكفي منها لتعليمك ما ذكرناه.

[شجاعته ص]

ومنها الشجاعة والنجدة، فكان عليه الصلاة والسلام منهما بالمكان الذي لا يجهل، قد حضر المواقف الصعبة، وفرّ الكماة «٦» والأبطال عنه غير مرّة، وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر ولا يتزحزح. وما من شجاع إلّا أحصيت له فرّة،


(١) أخرج الفقرة الأولى منه الترمذي في الشمائل وأبو يعلى وهي في الشيخان: «وما انتقم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله عز وجل.
(٢) رواه الشيخان.
(٣) رواه الشيخان.
(٤) هذا بعض حديث صحيح رواه الشيخان.
(٥) هو بلال ولكنه من المهاجرين وقد يجمع بأنهما قالا له. ورواه الترمذي في الشمائل والبزار والخرائطي في المنتقى من مكارم الأخلاق وقال الهيثمى في المجمع: فيه: اسحاق بن ابراهيم الحنيفي، وقد ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان، وقال: يخطئ
(٦) جمع كمي وهو الشجاع أو لا بس السلاح.

<<  <   >  >>