للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشرب الخمر والرّبا، فلمّا حلّوا بلادهم جاءتهم ثقيف، فقال الوفد: جئنا رجلا فظا غليظا قد ظهر بالسيف، ودان النّاس له فعرض علينا أمورا شديدة، وذكروا ما تقدم. فقالوا: والله لا نطيعه أبدا، فقالوا لهم: أصلحوا سلاحكم، ورمّوا حصونكم، واستعدوا للقتال، فأجابوا، واستمروا على ذلك يومين أو ثلاثة، ثم ألقى الله الرعب في قلوبهم، فقالوا: والله مالنا بحربه من طاقة ارجعوا إليه وأعطوه ما سأل، فقال الوفد: قد قاضيناه وأسلمنا، فقالوا: لم كتمتم علينا ذلك؟ قالوا:

حتى تذهب عنكم نخوة الشيطان فأسلموا.

هدم اللّات

ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلّم اسلام ثقيف أرسل أبا سفيان والمغيرة بن شعبة الثقفي لهدم اللات صنم ثقيف بالطائف، فتوجّهوا وهدموه حتى سوّوه بالأرض.

[حج أبي بكر]

وفي أخريات ذي القعدة أرسل عليه الصلاة والسلام أبا بكر ليحجّ بالناس فخرج في ثلاثمائة رجل من المدينة ومعه الهدي عشرون بدنة أهداها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وساق أبو بكر خمس بدنات، ولمّا سافر نزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أوائل سورة براءة، فأرسل بها عليا ليبلغها الناس في يوم الحج الأكبر، وقال: لا يبلغ عني إلّا رجل منّي، فلحق أبا بكر في الطريق، فقال الصّدّيق: هل استعملك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الحج؟ قال: لا ولكن بعثني أقرأ أو أتلو براءة على الناس.

فلمّا اجتمعوا بمنى يوم النحر قرأ عليهم عليّ ثلاث عشرة اية من أول سورة براءة «١» تتضمن نبذ العهود لجميع المشركين الذين لم يوّفوا عهودهم، وإمهالها أربعة أشهر يسيحون فيها في الأرض كيف شاؤوا، وإتمام عهد المشركين الذين لم يظاهروا على المسلمين، ولم يغدروا بهم إلى مدتهم، ثم نادى: لا يحجّ بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان «٢» ، وكان عليّ يصلي في هذا السفر وراء أبي بكر رضي الله عنهما.


(١) سورة براءة هي التوبة.
(٢) رواه الشيخان كما روى الترمذي وحسنه وأحمد من حديث أنس قال: (بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم براءة أبي بكر، ثم دعا عليا فأعطاه إياها وقال لا ينبغي لأحد أن يبلّغ هذا إلا رجل من أهل بيتي) .

<<  <   >  >>