للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ «١» ومن الأسرى: أبو عزة الجمحي الشاعر، كان شديد الإيذاء لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكّة فلمّا أسر قال: يا محمد إني فقير، وذو عيال، وذو حاجة قد عرفتها فامنن، فمن عليه فضلا منه.

[العتاب في الفداء]

ولما تمّ الفداء أنزل الله في شأنه ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «٢» نهى سبحانه عن اتّخاذ الأسرى قبل الإثخان في قتل الذين يصدّون عن سبيل الله ويمنعون دين الله من الإنتشار، وعاب بعض المسلمين على إرادة عرض الدّنيا وهو الفدية، ولولا حكم سابق من الله أن لا يعاقب مجتهدا على اجتهاده ما دام المقصد خيرا لكان العذاب، ثم أباح لهم الأكل من تلك الفدية المبني أخذها على النظر الصحيح. وهذا من أقوى الأدلة على صدق نبيّنا عليه الصلاة والسلام فيما جاء به، لأنه لو كان من عنده ما كان يعاتب نفسه على عمل عمله بناء على رأي كثير من الصحابة. وقد وعد الله الأسرى الذين يعلم في قلوبهم خيرا بأن يؤتيهم خيرا ممّا أخذ منهم ويغفر لهم فقال يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «٣» وهذه الغزوة هي التي أعزّ الله بها الإسلام وقوّى أهله، ودمغ فيه الشرك، وخرّب محلّه مع قلّة المسلمين وكثرة عدوهم، فهي اية ظاهرة على عناية الله تعالى بالإسلام وأهله مع ما كان عليه العدو من القوة بسوابغ الحديد، والعدة الكاملة، والخيل المسومة، والخيلاء الزائدة، ولذلك قال الله ممتنا على عباده بهذا النصر وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ «٤» أي قليل عددكم لتعلموا أن النصر إنما هو من عند الله فهي أعظم غزوات الإسلام إذ بها كان ظهوره، وبعد وقوعها أشرق على الافاق نوره، فقد قتل فيها


(١) سورة النساء اية ١٣٥.
(٢) سورة الأنفال اية ٦٧- ٦٨.
(٣) سورة الأنفال اية ٧٠.
(٤) سورة ال عمران اية ١٢٣.

<<  <   >  >>