للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سرية «١»

وفي رجب من هذه السنة أرسل سرية عدّتها ثمانية رجال، يرأسها عبد الله بن جحش «٢» ، وأعطاه كتابا مختوما لا يفضه إلّا بعد أن يسير يومين ثم ينظر فيه، فسار عبد الله يومين، ثم فتح الكتاب فإذا فيه: «إذا نظرت كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة «٣» ، فترصّد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم» وإنما لم يخبرهم عليه الصلاة والسلام بمقصدهم وهم بالمدينة حذرا من شيوع الخبر، فيدل عليهم أحد الأعداء من المنافقين أو اليهود فتترصّد لهم قريش. ولا يخفى أن عدد السرية قليل لا يمكنه المقاومة، ثم سار عبد الله رضي الله عنه، وفي أثناء السير تخلّف سعد بن أبي وقاص وعتبه بن غزوان لأنهما أضلا بعيرهما الذي كانا يعتقبانه، وسار الباقون حتى وصلوا نخلة فمرّت بهم عير قرشية تريد مكّة فيها عمرو بن الحضرمي، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة وأخوه نوفل، والحكم بن كيسان، فأجمع المسلمون أمرهم على أن يحملوا عليهم ويأخذوا ما معهم، فحملوا عليهم في اخر يوم من رجب، فقتلوا عمرو بن الحضرمي «٤» ، وأسروا عثمان والحكم، وهرب نوفل، واستاقوا العير وهي أول غنيمة غنمها المسلمون من أعدائهم قريش ثم رجعوا، ولم يتمكّن المشركون من اللحاق بهم، فلمّا قدموا المدينة وشاع أنهم قاتلوا في الأشهر الحرم، وعابتهم قريش واليهود بذلك، عنّفهم المسلمون، وقال لهم عليه الصلاة والسلام: ما أمرتكم بقتال في الأشهر الحرم فندموا، فأنزل الله في سورة البقرة يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ «٥» فسرّي عنهم. وقد طلب المشركون فداء أسيريهما، فقال عليه الصلاة والسلام: حتى يرجع سعد وعتبة، فلمّا رجعا قبل عليه الصلاة والسلام الفدية في الأسيرين، فأما الحكم بن كيسان فأسلم وحسن إسلامه مع المسلمين، وأما عثمان فلحق بمكة كافرا.


(١) سرية عبد الله بن جحش.
(٢) أحد السابقين، هاجر إلى الحبشة، واستشهد بأحد، ودفن هو وحمزة في قبر واحد، وعاش نيف وأربعون سنة.
(٣) بين مكة والطائف.
(٤) رمى واقد بن عبد التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله.
(٥) اية ٢١٧.

<<  <   >  >>