للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ملككما زائل، وخيلي تحلّ بساحتكما وتظهر نبوتي على ملككما) .

فلمّا دخل بناديهما عمرو سأله عبد بن الجلندي عمّا يأمر به الرسول وينهى عنه، فقال: يأمر بطاعة الله عزّ وجلّ، وينهى عن معصيته، ويأمر بالبر وصلة الرحم، وينهى عن الظلم والعدوان والزنا وشرب الخمر، وعن عبادة الحجر والوثن والصليب، فقال: ما أحسن هذا الذي يدعو إليه ولو كان أخي يتابعني لركبنا حتى نؤمن بمحمّد ونصدّق به، ولكن أخي أضن «١» بملكه من أن يدعه ويصير تابعا. قال عمرو: إن أسلم أخوك ملّكه رسول الله على قومه، فأخذ الصدقة من غنيهم فردّها على فقيرهم، فقال عبد: إن هذا لخلق حسن وما الصدقة؟ فأخبره بما فرض الله من الصدقات في الأموال. ولما ذكر المواشي قال: يا عمرو يؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى في الشجر وتردّ المياه؟ قال نعم، فقال عبد: والله ما أرى قومي على بعد دارهم وكثرة عددهم يرضون بهذا.

ثم إن عبدا أوصل عمرا لأخيه جيفر فتكلّم معه عمرو بما ألان قلبه حتى أسلم هو وأخوه ومكّناه من الصدقات.

[كتاب هوذة بن علي]

ووجّه عليه: الصلاة والسلام سليط بن عمرو العامري «٢» بكتاب إلى هوذة بن علي ملك اليمامة وفيه: «بسم الله الرحمن الرحيم من محمّد رسول الله إلى هوذة ابن علي. سلام على من اتّبع الهدى وأعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر «٣» ، فأسلم تسلم، وأجعل لك ما تحت يديك» فلمّا جاء الكتاب كتب في رده: «ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله، وأنا شاعر قومي وخطيبهم، والعرب تهاب مكاني، فاجعل لي بعض الأمر اتبعك» ولما بلغ ذلك رسول الله قال لو سألني قطعة من الأرض ما فعلت، باد وباد ما في يديه «٤» ، فلم يلبث أن مات منصرف الرسول صلّى الله عليه وسلّم من فتح مكّة، وكان عليه الصلاة والسلام يولي على كل قوم قبلوا الإسلام كبيرهم.


(١) أبخل.
(٢) ذكره الواقدي وأبو معشر في البدريين وشهد اليمامة فاستشهد فيها.
(٣) الخف: الإبل، والحافر: الخيل والبغال والمراد يصل إلى أقصى ما يصلان إليه، فيؤمنون به.
(٤) أي هلك، وذهب عنه وتفرق ما في يديه.

<<  <   >  >>