للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا معاذ إن طالت بك حياة، أن ترى ما هنا قد ملىء جنانا «١» . وقد قدّمنا ذلك في غزوة تبوك. وروي عن البراء، وسلمة بن الأكوع تكثير عين الحديبية بدعوته عليه الصلاة والسلام. وروى أبو قتادة، أنّ النّاس شكوا إلى رسول الله العطش في بعض أسفاره فدعا بالميضأة، فجعلها في ضبنه- ما بين الكشح إلى الإبط- ثم التقم فمها، فالله أعلم- أنفث فيها أم لا- فشرب النّاس حتى رووا، وملؤوا كلّ إناء معهم، فخيّل إليّ أنها كما أخذها مني. وكانوا اثنين وسبعين رجلا «٢» .

ورويت قصص مشابهة لهذه عن كثير من الصحابة رضوان الله عليهم في محال مختلفة بحيث لا يشك أحد في صدقها بعد تضافر الثقات على روايتها.

ومن ذلك تكثير الطعام ببركته ودعائه صلّى الله عليه وسلّم: روى أبو طلحة أنه عليه الصلاة والسلام أطعم ثمانين- أو سبعين- رجلا من أقراص من شعير، جاء بها أنس تحت يده- أي إبطه- فأمر بها عليه الصلاة والسلام ففتّت وقال فيها ما شاء الله أن يقول «٣» . وروى جابر أنه عليه الصلاة والسلام أطعم يوم الخندق ألف رجل من صاع شعير وعناق، وقال جابر: فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا. وإنّ برمتنا لتغطّ كما هي. وإنّ عجيننا ليخبز. وكان عليه الصلاة والسلام قد بصق في العجين والبرمة، وبارك «٤» . وروى أبو أيوب أنه صنع لرسول الله وأبي بكر طعاما يكفيهما، فأطعم منه عليه الصلاة والسلام مائة وثمانين رجلا «٥» . وروى مثل ذلك في كثير من الصحابة، كعبد الرحمن بن أبي بكر. وسلمة بن الأكوع. وأبي هريرة. وعمر بن الخطاب. وأنس بن مالك، رضوان الله عليهم أجمعين.

[ومن معجزاته عليه السلام قصة حنين الجذع.]

قال جابر بن عبد الله: كان المسجد مسقوفا على جذوع نخل، فكان عليه الصلاة والسلام إذا خطب يقوم إلى


(١) حديث معاذ رواه مالك بن الموطأ وأخره مسلم في الفضائل و (تبض) تسيل (الشراك) وهو سير النعل ومعناه ماء قليل جدّا (جنانا) أي بساتين وعمرانا. وقد تحققت وأصبحت تبوك الان من أفضل المناطق الزراعية في السعودية.
(٢) رواه مسلم (الميضأة) : هي الإناء الذي يتوضأ به (فجعلها في ضبنه) ، أي حضنه.
(٣) رواه الشيخان (أبو طلحة) زوج أم سليم.
(٤) رواه الشيخان والعناق: الأنثى من ولد المعز. والبرمة: القدر من الحجارة. تغط: تغلي بالطعام، ويسمع صوت غليانها.
(٥) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني، وفي اسناده من لم أعرفه.

<<  <   >  >>