للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سرية «١»

وفي صفر وفد على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبو براء عامر بن مالك ملاعب الأسنّة «٢» ، وهو من رؤوس بني عامر، فدعاه عليه الصلاة والسلام إلى الإسلام فلم يسلم ولم يبعد، بل قال: إني أرى أمرك هذا حسنا شريفا ولو بعثت معي رجالا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك، فقال عليه الصلاة والسلام: إني أخشى عليهم أهل نجد. فقال أبو عامر: أنا لهم جار، فأرسل معه المنذر بن عمرو «٣» في سبعين من أصحابه كانوا يسمّون القرّاء لكثرة ما كانوا يحفظون من القران، فساروا حتى نزلوا بئر معونة «٤» فبعثوا حرام بن ملحان «٥» بكتاب إلى عامر بن الطفيل سيد بني عامر، فلمّا وصل إليه، لم يلتفت إلى الكتاب بل عدا على حرام فقتله «٦» ، ثم استصرخ على بقية البعثة أصحابه من بني عامر، فلم يرضوا أن يخفروا جوار ملاعب الأسنة، فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم، وهم رعل وذكوان وعصيّة فأجابوه وذهبوا معه، حتى إذا التقوا بالقرّاء أحاطوا بهم، وقاتلوهم حتى قتلوهم عن اخرهم، بعد دفاع شديد لم يجدهم نفعا لقلّة عددهم، ولم ينج إلّا كعب بن زيد «٧» وقع بين القتلى حتى ظنّ أنه منهم، وعمرو بن أميّة «٨» كان في سرح «٩» القوم. وأبلغ عليه الصلاة والسلام خبر القراء فخطب في أصحابه، وكان فيما قال: «إن إخوانكم قد لقوا المشركين وقتلوهم،


(١) سرية بئر معونة.
(٢) كان سبب تسميته ملاعب الأسنة أن أخاه طفيل بن مالك كان أسلم في ذلك اليوم وفر، فسمى بذلك ملاعب الأسنة في يوم سوبال.
(٣) الخزرجي الأنصاري الساعدي، شهد العقبة وبدرا. واستشهد في بئر معونة.
(٤) شرقي المدينة بين أرض بني عامر وحرة بني سليم (المؤلف) .
(٥) وهو خال أنس بن مالك واتفق أهل المغازي على أنه استشهد يوم بئر معونة.
(٦) وفي البخاري وأومأ إلى رجل فأتاه من خلفه وطعنه قال حرام: الله أكبر فزت ورب الكعبة.
(٧) شهد بدرا وأستشهد بالخندق.
(٨) قال ابن هشام ورجل من الأنصار هو المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاج قال ابن اسحاق فلم ينبئها بمصاب أصحابهما إلا الطير تحوم على العسكر، فقالا: إن لهذه الطير لشأنا، فاقبلا لينظرا، فإذا القوم في دمائهم، وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة. فقال الأنصاري لعمرو بن أميه: ما ترى؟ قال أرى أن نلحق برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنخبره الخبر فقال الأنصاري: لكني ما كنت لأرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو، وما كنت لتخبرني عنه الرجال، ثم قاتل حتى قتل، وأخذوا عمرو بن أمية أسيرا، فلما أخبرهم من مضر تركوه.
(٩) (سرح القوم) أي داوبهم التي ترعى.

<<  <   >  >>