للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غليظ ولا صخاب «١» في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلّا الله ويفتح به أعينا عميا واذانا صمّا وقلوبا غلفا» «٢» .

وروي مثله عن عبد الله بن سلام «٣» رضي الله عنه وهو الذي كان رئيس اليهود فلم تعمه الرياسة حتى يترك الدين القويم، وكذلك كعب الأحبار «٤» وفي بعض طرق الحديث: ولا صخّاب في الأسواق ولا قوّال للخنا، أسدّده لكل جميل، وأهب له كل خلق كريم، وأجعل السكينة لباسه، والبرّ شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة مقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى أمامه، والإسلام ملّته، أحمد اسمه، أهدي به بعد الضلالة، وأعلّم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة. وأسمّي به بعد النكرة، وأكثّر به بعد القلة، وأغني به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين قلوب مختلفة، وأهواء متشتّتة، وأمم متفرّقة، وأجعل أمّته خير أمّة أخرجت للناس. وقد أخبر عليه الصلاة والسلام عن صفته في التوراة فقال وهو الصادق الأمين: عبدي أحمد المختار مولده مكّة ومهاجره بالمدينة- أو قال طيبة- وأمته الحمّادون الله على كل حال.

[تبشير الإنجيل]

بشر عيسى عليه السلام قومه في الإنجيل بالفارقليط «٥» ومعناه قريب من


(١) شديد الصوت. المؤلف.
(٢) رواه البخاري.
(٣) هو ولد يوسف بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم الخليل وكان من يهود المدينة واسمه الحصين وسماه النبي صلّى الله عليه وسلّم عبد الله لما أسلم وكنيته أبو يوسف كني بابنه وهو من بني قينقاع. ونزل في فضله (وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله فامن واستكبرتم) روي له عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خمسة وعشرون حديثا، وقد بشره الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالجنة وتوفي سنة ٤٣ هـ بالمدينة.
(٤) هو التابعي المشهور وهو ابن مانع بن هينوع أدرك زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يره وأسلم في خلافة أبي بكر وصحب عمر وأكثر الرواية عنه، وكان يسكن حمص، واتفقوا على كثرة علمه وتوثيقه، وكان قبل إسلامه على دين اليهود، وكان يسكن اليمن، توفي سنة ٣٢ هـ ودفن في حمص.
(٥) جاء في قول يوحنا حكاية عن المسيح عليه السلام (ص ١٤ ف ٢٥) ما يأتي: (إن كنتم تحبوني فاحافظوا وصاياي، فأنا أطلب من الاب فيعطيكم فارقليطا ليمكث معكم إلى الأبد روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ومنكم.

<<  <   >  >>