للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غزوة غطفان «١»

بلغ رسول الله انّ بني ثعلبة ومحارب من غطفان تجمّعوا برياسة رئيس منهم اسمه دعثور «٢» يريدون الغارة على المدينة، فأراد عليه الصلاة والسلام أن يغلّ أيديهم كيلا يتمكّنوا من هذا الاعتداء، فخرج إليهم من المدينة في أربعمائة وخمسين رجلا لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول، وخلف على المدينة عثمان بن عفّان. ولمّا سمعوا بسير رسول الله هربوا إلى رؤوس الجبال، ولم يزل المسلمون سائرين حتى وصلوا ماء يسمى ذا أمر، فعكسروا به، وحدث أنه عليه الصلاة والسلام نزع ثوبه يجفّفه من مطر بلّله وارتاح تحت شجرة والمسلمون متفرقون، فأبصره دعثور فأقبل إليه بسيفه حتى وقف على رأسه وقال: من يمنعك مني يا محمّد؟ فقال: الله. فأدركت الرجل هيبة ورعب أسقطا السيف من يده، فتناوله عليه الصلاة والسلام وقال لدعثور: من يمنعك مني؟ قال: لا أحد. فعفا عنه»

فأسلم الرجل ودعا قومه للإسلام، وحول الله قلبه من عداوة رسول الله وجمع الناس لحربه إلى محبته وجمع الناس له ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ «٤» وهذا ما ينتجه حسن المعاملة، والبعد عن الفظاظة وغلظ القلب فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ «٥» .

غزوة بحران «٦»

بلغه عليه الصلاة والسلام أن جمعا من بين سليم يريدون الغارة على المدينة،


(١) قال ابن اسحاق: فلما رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من غزوة السّويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجة أو قريبا منها، ثم غزا نجدا يريد غطفان وهي ذي أمر (موضع من ديار غطفان. وقال ابن سعد: بناحية النخيل) فخرج إليهم من المدينة يوم الخميس.
(٢) أو غورث بن الحارث.
(٣) رواه الشيخان وقال البيهقي: وسيأتي في غزوة ذات الرقاع قصة تشبه هذه فلعلهما قصتان. قال ابن كثير: إن كانت هذه محفوظة فهي غيرها قطعا، لأن ذلك الرجل اسمه غورث بن الحارث أيضا لم يسلم بل استمرّ على دينه، ولم يكن عاهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ألا يقاتله والله أعلم.
(٤) سورة المائدة اية ٥٤.
(٥) سورة ال عمران اية ١٥٩.
(٦) هو مكان بالحجاز من ناحية الفرع (بضم الفاء والراء وفي المواهب بفتحهما) .

<<  <   >  >>