للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتحت عليه الأرض، وأهدى في حجّه ذلك مائة بدنة «١» ، ولما فتحت عليه مكّة، ودخلها بجيوش المسلمين، طأطأ على رحله رأسه حتى كاد يمسّ قادمته تواضعا لله تعالى «٢» . وعن أبي هريرة رضى الله عنه: دخلت السوق مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فاشترى سراويل، وقال للوزّان: زن وأرجح، ثم قال: فوثب إلى يد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقبّلها، فجذب يده، وقال: هذا تفعله الأعاجم بملوكها، ولست بملك، إنما أنا رجل منكم، ثم أخذ السراويل، فذهبت لأحمله قال: صاحب الشيء أحقّ بشيئه أن يحمله «٣» .

[عدله ص وأمانته، وعفّته، وصدق لهجته]

وأما عدله عليه السلام، وأمانته، وعفّته، وصدق لهجته، فكان امن الناس وأعدل الناس، وأعفّ الناس، وأصدقهم لهجة منذ كان، اعترف له بذلك محادّوه وعداه «٤» ، وكان يسمّى قبل نبوّته الأمين. وقد قدّمنا في سيرته عليه الصلاة والسلام قبل النبوّة. وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام: ما لمست يده يد امرأة قطّ لا يملك رقّها «٥» . قال أبو العباس المبرّد: قسّم كسرى أيامه؛ فقال:

يصلح يوم الريح للنوم، ويوم الغيم للصيد، ويوم المطر للشرب واللهو، ويوم الشمس للحوائج، ولكن نبيّنا عليه الصلاة والسلام جزّأ نهاره ثلاثة أجزاء، جزا لله، وجزا لأهله، وجزا لنفسه، ثم جزّأ جزأه بين الناس، فكان يستعين بالخاصة على العامة، ويقول: «أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغي، فإن من أبلغ حاجة من لا يستطيع إبلاغها امنه الله يوم الفزع الأكبر» «٦» . وكان عليه الصلاة والسلام لا يأخذ أحدا بذنب أحد، ولا يصدق أحدا على أحده. «٧»


(١) كما روى مسلم عنه وبدنه تقع على الجمل والناقة والبقرة.
(٢) رواه أبو يعلى وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وقال الهيثمي في مجمع الزوائد فيه عبد الله عن أبي بكر المقدمي وهو ضعيف وقادمته: أي قادمة الرجل هي الخشبة التي في مقدمة كور البعير بمنزلة قربوس السرج.
(٣) رواه الطبراني في الأوسط وفيه يوسف بن زياد البصري وهو ضعيف وفي اسناده عمر بن عبد العزيز بن وهيب قال الحافظ في التقريب مجهول أوقر الناس من الوقار: الحلم والرزانة.
(٤) أي مخالفوه واعداؤه.
(٥) رواه الشيخان. والترمذي ولفظه: ما لمست يد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يد امرأة إلا امرأة يملكها.
(٦) رواه الطبراني في الكبير بسند حسن. حديث رجاله ثقات لكنه مرسل أخرجه أبو داود في المراسيل.
(٧) حديث رجاله ثقات لكنه مرسل. أخرجه أبو داود في المراسيل.

<<  <   >  >>