للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى يؤمنوا- فجاهدوا جدا ولم يروا بدّا من الاستغاثة برسول الله فعاملهم عليه الصلاة والسلام بما جبل عليه من الشفقة والمرحمة، وأرسل لثمامة أن يعيد عليهم ما كان يأتيهم من أقوات اليمامة ففعل. وقد كان لهذا الرجل الكريم الأصل، قدم راسخة في الإسلام عقب وفاة الرسول، حينما ارتدّ أكثر أهل بلاده، فكان ينهى قومه عن اتّباع مسيلمة، ويقول لهم: إيّاكم وأمرا مظلما لا نور فيه، وإنه لشقاء كتبه الله على من اتّبعه، فثبت معه كثير من قومه رضي الله عنه.

[غزوة بني لحيان]

بنو لحيان هم الذين قتلوا عاصم بن ثابت وإخوانه، ولم يزل رسول الله حزينا عليهم متشوقا للقصاص من عدوهم حتى ربيع الأول من هذه السنة، فأمر أصحابه بالتجهّز، ولم يظهر لهم مقصده كما هي عادته عليه الصلاة والسلام في غالب الغزوات، لتعمى الأخبار عن الأعداء، وولى على المدينة ابن أم مكتوم، وسار في مائتي راكب معهم عشرون فرسا، ولم يزل سائرا حتى مقتل أصحاب الرجيع، فترحّم عليهم ودعا لهم، ولما سمع به بنو لحيان تفرّقوا في الجبال، فأقام عليه الصلاة والسلام بديارهم يومين يبعث السرايا، فلا يجدون أحدا، ثم أرسل بعضا من أصحابه ليأتوا عسفان «١» حتى يعلم بهم أهل مكّة فيداخلهم الرعب، فذهبوا إلى كراع الغميم «٢» ثم رجع عليه الصلاة والسلام إلى المدينة وهو يقول: «ايبون تائبون لربنا حامدون أعوذ بالله من وعثاء السفر وكابة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال» «٣» .

غزوة الغابة «٤»

كان للنبي عليه الصلاة والسلام عشرون لقحة ترعى بالغابة «٥» فأغار عليها عيينة بن حصن في أربعين راكبا واستلبها من راعيها، فجاءت الأخبار رسول الله


(١) موضع قرب مكة. (المؤلف) ويسمى في زماننا مدرج عثمان وبينه وبين مكة نحو ثلاث مراحل.
(٢) جبل جنوب عسفان بثمانية أميال. (المؤلف) .
(٣) رواه الشيخان والنسائي.
(٤) لها اسم اخر هو (غزوة ذي قرد) .
(٥) موضع على بريد من المدينة جهة غطفان. (المؤلف) . (واللقحة: الناقة اللبون) .

<<  <   >  >>