للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الدخول إليها إلّا من وجد له مجيرا، فدخل أبو سلمة في جوار خاله أبي طالب، ودخل عثمان بن مظعون في جوار الوليد بن المغيرة، وقد ردّ عليه جواره حينما رأى ما صنعه بالمسلمين، فلم ير أن يكون مرتاحا وإخوانه يعذبون «١» .

[كتابة الصحيفة]

ولمّا ضاقت الحيل بكفار قريش عرضوا على بني عبد مناف الذين منهم الرسول عليه الصلاة والسلام دية مضاعفة ويسلمونه فأبوا عليهم ذلك، ثم عرضوا على أبي طالب أن يعطوه سيدا «٢» من شبابهم يتبناه، ويسلّم إليهم ابن أخيه، فقال: عجبا لكم تعطوني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه؟ فلما رأوا ذلك أجمعوا أمرهم على منابذة بني هاشم وبني المطلب ولدي عبد مناف وإخراجهم من مكة، والتضييق عليهم، فلا يبيعونهم شيئا، ولا يبتاعون منهم حتى يسلّموا محمدا للقتل، وكتبوا بذلك صحيفة وضعوها في جوف الكعبة «٣» ، فانحاز بنو هاشم- بسبب ذلك في شعب أبي طالب، ودخل معهم بنو المطلب سواء في ذلك مسلمهم وكافرهم ما عدا أبا لهب، فإنه كان مع قريش، وانخزل عنهم بنو عمّيهم عبد شمس ونوفل ابني عبد مناف، فجهد القوم حتى كانوا يأكلون ورق الشجر «٤» ، وكان أعداؤهم يمنعون التجار من مبايعتهم وفي مقدّمة المانعين أبو لهب.

[هجرة الحبشة الثانية]

وبعد دخول الرسول وقومه الشّعب أمر جميع المسلمين أن يهاجروا للحبشة حتى يساعد بعضهم بعضا على الاغتراب، فهاجر معظمهم وكانوا نحو ثلاثة وثمانين رجلا وثماني عشر امرأة، وكان من الرجال جعفر بن أبي طالب وزوجه


(١) جميع من قدم عليه مكة من أصحابه من أرض الحبشة ثلاثة وثلاثون رجلا.
(٢) ذكر ابن اسحاق أنه عمارة بن الوليد.
(٣) قال السهيلي وللنسابة من قريش في كاتب الصحيفة قولان، أحدهما أن كاتب هذه الصحيفة هو بغيض ابن عامر والقول الثاني أنه منصور بن عبد شرحبيل وهو خلاف قول ابن اسحاق.
(٤) وفي رواية يونس أن سعدا قال: خرجت ذات ليلة لأبول، فسمعت قعقعة تحت البول، فإذا قطعة من جلد بعير يابسة، فأخذتها وغسلتها، ثم أحرقتها ثم رضضتها، وسففتها بالماء، فقويت بها ثلاثا.

<<  <   >  >>