للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استوى قائما، فرماه عتبه بن أبي وقاص بحجر كسر رباعيته فتبعه حاطب بن أبي بلتعه «١» فقتله، وشجّ وجهه عليه الصلاة والسلام عبد الله بن شهاب الزهري، وجرحت وجنتاه بسبب دخول حلقتي المغفر فيهما من ضربة ضربه بها ابن قمئة غضب الله عليه، فجاء أبو عبيدة وعالج الحلقتين حتى نزعهما، فكسرت في ذلك ثنيتاه، وقال حينئذ عليه الصلاة والسلام: كيف يفلح قوم خضّبوا وجه نبيّهم؟

فأنزل الله في سورة ال عمران لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ»

وكان أول من عرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد هذه الدهشة كعب بن مالك الأنصاري «٣» فنادى: يا معشر المسلمين أبشروا، فأشار إليه الرسول أن اصمت.

ثم سار بين سعد بن أبي وقاص وسعد بن عبادة يريد الشّعب ومعه جمع منهم: أبو بكر وعمر وعلي وطلحة والزبير والحارث بن الصمّة، وأقبل عليه إذ ذاك عثمان بن عبد المغيرة يقول: أين محمد لا نجوت إن نجا، فعثر به فرسه، ووقع في حفرة فمشى إليه الحارث بن الصمّة وقتله. ولما وصل الشّعب جاءت فاطمة فغسلت عنه الدم، وكان علي يسكب الماء، ثم أخذت قطعة من حصير فأحرقتها ووضعتها على الجرح فاستمسك الدّم. ثم أراد عليه الصلاة والسلام أن يعلو الصخرة التي في الشّعب فلم يمكنه القيام لكثرة ما نزل من دمه، فحمله طلحة بن عبيد الله حتى أصعده، فنظر إلى جماعة من المشركين على ظهر الجبل فقال: لا ينبغي لهم أن يعلونا، اللهم لا قوة لنا إلا بك، ثم أرسل إليهم عمر بن الخطاب في جماعة فأنزلوهم.

وقد أصاب المسلمين الذين كانوا يحوطون رسول الله كثير من الجراحات لأنّ الشخص منهم كان يتلقى السهم خوفا أن يصل للرسول صلّى الله عليه وسلّم فوجد بطلحة نيف وسبعون جراحة، وشلّت يده، وأصاب كعب بن مالك سبع عشرة جراحة. أما القتلى فكانوا نيّفا وسبعين، منهم ستة من المهاجرين، والباقون من الأنصار.


(١) حليف بني أسد بن عبد العزى، اتفقوا على شهوده بدرا، بعثه رسول الله رسولا إلى المقوقس، وقال المرزباني: كان أحد فرسان قريش في الجاهلية وشعرائها، مات في سنة ٣٠.
(٢) اية ١٢٨.
(٣) أبو عبد الله الأنصاري السلمي ولم يكن لمالك ولد غير كعب الشاعر المشهور، شهد العقبة وبايع بها، وتخلف عن بدر وشهد أحدا وما بعدها، وتخلف في تبوك، قال ابن حبان: مات أيام قتل علي بن أبي طالب.

<<  <   >  >>