للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

«١» وكان النساء في أول الإسلام كما كن في الجاهلية متبذلات تبرز المرأة في درع وخمار، لا فرق بين الحرّة والأمة، وكان الفتيان وأهل الشطارة «٢» يتعرضون للإماء إذا خرجن بالليل إلى مقاضي حوائجهن في النخيل والغيطان «٣» ، وربما تعرضوا للحرّة بعلّة الأمة يقولون: حسبناها أمة، فأمرن أن يخالفن بزيهنّ عن زي الإماء بأن يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ليغطي الوجه والأعطاف «٤» ليحتشمن، ويهبن فلا يطمع فيهنّ طامع، قال تعالى في سورة الأحزاب يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً «٥» .

أما حجب المرأة عمّن يريد خطبتها فهو أمر لم يكن يفعل في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولا في عهد السلف الصالح، فإن الشارع الحكيم سنّ ذلك ليكون الرجل على علم مما يقدم عليه، حتى يتم الوفاق والوئام بين الزوجين في أمر أجمع عليه أئمة الدين. قال حجة الإسلام الغزالي في الإحياء: «وقد ندب الشرع إلى مراعاة أسباب الألفة، ولذلك استحبّ النظر، فقال: إذا أوقع الله في نفس أحدكم من امرأة، فلينظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينهما «٦» - أي يؤلف بينهما- من وقوع الأدمة على الأدمة والأدمة: هي الجلدة الباطنة، والبشرة: الجلدة الظاهرة، وإنما ذكر ذلك للمبالغة في الائتلاف، وقال عليه الصلاة والسلام: «إن في أعين الأنصار شيئا فإذا أراد أحدكم أن يتزوج منهنّ فلينظر إليهنّ» «٧» قيل: كان في أعينهن عمش وقيل: صغر. وكان بعض الصالحين لا ينكحون كرائمهم إلّا بعد


(١) اية ٣١.
(٢) الشاطر من أعيا أهله خبثا.
(٣) الغيظ دخول الشيء في الشيء.
(٤) عطفا (بالكسر) جانبا كل شيء وتنح عن عطف الطريق أي قارعته ويفتح.
(٥) اية ٥٩.
(٦) رواه الترمذي وابن ماجه.
(٧) رواه مسلم والنسائي.

<<  <   >  >>