للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّا قد عقدنا بين القوم صلحا وأعطيناهم وأعطونا على ذلك عهدا فلا نغدر بهم.

هذا وقد دخلت قبيلة خزاعة في عهد رسول الله ودخل بنو بكر في عهد قريش.

ولما انتهى الأمر أمر عليه الصلاة والسلام أصحابه أن يحلقوا رؤوسهم، وينحروا الهدي، ليتحللوا من عمرتهم، فاحتمل المسلمون من ذلك هما عظيما، حتى إنهم لم يبادروا بالامتثال، فدخل عليه الصلاة والسلام على أم المؤمنين أم سلمة، وقال لها: هلك المسلمون أمرتهم فلم يمتثلوا، فقالت: يا رسول الله اعذرهم، فقد حمّلت نفسك أمرا عظيما في الصلح، ورجع المسلمون من غير فتح فهم لذلك مكروبون، ولكن اخرج يا رسول، وابدأهم بما تريد، فإذا رأوك فعلت تبعوك، فتقدّم عليه الصلاة والسلام إلى هديه فنحره ودعا بالحلاق فحلق رأسه «١» ، فلما راه المسلمون تواثبوا على الهدي فنحروه وحلقوا، ثم رجع المسلمون إلى المدينة، وقد أمن كل فريق الاخر. ولما قرّ قرارهم جاءتهم مهاجرة أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط «٢» أخت عثمان لأمه، فطلبها المشركون فقالت يا رسول الله:

إني امرأة وإن رجعت إليهم فتنوني في ديني فأنزل الله في سورة الممتحنة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

«٣» فكانت المرأة المهاجرة تستحلف أنها ما خرجت رغبة بأرض عن أرض ولا من بغض زوج، ولا لالتماس دنيا ولا لرجل من المسلمين، وما خرجت إلا حبا لله ولرسوله، ومتى حلفت لا ترد بل يعطى لزوجها المشرك ما أنفقه عليها، ويجوز للمسلم تزوجها. وفي الاية تحريم امساك الزوجة الكافرة بل ترد إلى أهليها بعد أن يعطوا ما أنفقوا عليها وقد تمكن أبو بصير عتبة بن أسيد الثقفي «٤» رضي الله عنه من الفرار إلى رسول الله، فأرسلت


(١) كان الذي حلق رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك اليوم خراش بن أمية.
(٢) كانت ممن أسلمت قديما وبايعت وهاجرت إلى المدينة، فتبعها أخوها عمارة والوليد ليرداها، فجاا يطلبانها فأبى النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يردها إليهما، فتزوجت زيد بن حارثة، ثم تزوجها الزبير بن العوام بعد قتل زيد، فولدت له زينب، ثم فارقها فتزوجها عبد الرحمن بن عوف، فولدت له إبراهيم وحميدا، ثم مات عنها، فتزوجها عمرو بن العاص فمكثت عنده شهرا وماتت.
(٣) اية ١٠
(٤) مشهور بكنيته متفق على اسمه، ثبت ذكره في قصة الحديبية عند البخاري، ولما كتب النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى أبي

<<  <   >  >>