للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تصميم اليهود على الحرب نهى عن القطع، ثم ابتدأ القتال مع حصن ناعم بالمراماة، وكان لواء المسلمين بيد أحد المهاجرين فلم يصنع في ذلك اليوم شيئا، وفيه مات محمود بن مسلمة «١» أخو محمّد بن مسلمة، وصار عليه الصلاة والسلام يغدو كل يوم مع بعض الجيش للمناوشة، ويخلّف على العسكر أحد المسلمين حتى إذا كانوا في الليلة السابعة، ظفر حارس الجيش وهو عمر بن الخطاب بيهودي خارج في جوف الليل، فأتى به رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما أدرك الرجل الرعب قال: إن أمّنّتموني أدّلكم على أمر فيه نجاحكم. فقالوا دلنا فقد أمّنّاك، فقال إن أهل هذا الحصن أدركهم الملال والتعب، وقد تركتهم يبعثون بأولادهم إلى حصن الشقّ، وسيخرجون لقتالكم غدا، فإذا فتح عليكم هذا الحصن غدا فإني أدّلكم على بيت فيه منجنيق ودبابات «٢» ودروع وسيوف، يسهل عليكم بها فتح بقية الحصون، فإنكم تنصبون المنجنيق، ويدخل الرجال تحت الدبابات، فينقبون الحصون فتفتحه من يومك، فقال عليه الصلاة والسلام لمحمّد بن مسلمة:

سأعطي الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبّانه، فبات المهاجرون والأنصار كلهم يتمنّونها، حتى قال عمر بن الخطاب: ما تمنيت الإمارة إلّا ليلتئذ، فلمّا كان الغد سأل عليه الصلاة والسلام عن علي بن أبي طالب فقيل له إنه أرمد، فأرسل من يأتيه به، ولما جاء تفل في عينيه فشفاهما الله كأن لم يكن بهما شيء «٣» ثم أعطاه الراية، فتوجّه مع المسلمين للقتال، وهناك وجدوا اليهود متجهزين، فخرج يهودي يطلب البراز فقتله علي، ثم خرج مرحب وهو أشجع القوم فألحقه برفيقه، فخرج أخوه ياسر فقتله الزبير بن العوّام، ثم حمل المسلمون على اليهود حتى كشفوهم عن مواقفهم، وتبعوهم حتى دخلوا الحصن بالقوة، وانهزم الأعداء إلى الحصن الذي يليه وهو حصن الصعب وغنم المسلمون من حصن ناعم كثيرا من الخبز والتمر، ثم تتبعوا اليهود إلى حصن الصعب، فقاتل عنه اليهود قتالا شديدا حتى ردّ عنه المسلمون، ولكن ثبت الحباب بن المنذر ومن معه، وقاتلوا قتالا


(١) تقدم نسبه مع أخيه انفا، ذكروه في الصحابة، شهد أحدا والخندق والحديبية وخيبر وقتل يومئذ شهيدا برحى ألقيت عليه من حصن ناعم، ألقاها عليه مرحب اليهودي.
(٢) الدبابة الة تتخذ للحروب فتدفع في أصل الحصن فينقبونها وهم في جوفها. (المؤلف) وكان أهل خيبر ٠٠٠، ١٠ مقاتل.
(٣) رواه الشيخان مختصرا.

<<  <   >  >>