للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهب بي إلى سدرة المنتهى، فإذا أوراقها كاذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال «١» فلما غشيها من أمر ربي ما غشيها تغيّرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها، فأوحى الله إليّ ما أوحي، ففرض عليّ وعلى أمتي خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فنزلت إلى موسى فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فسله التّخفيف، فإن أمتك لا يطيقون ذلك، فإني قد بلوت بني إسرائيل قبلك وخبرتهم، قال: فرجعت إلى ربي وقلت له: يا ربي خفّف عن أمتي فحطّ عني خمسا، فرجعت إلى موسى، فقلت: حطّ عني خمسا، قال:

إن أمتك لا يطيقون ذلك، فارجع إلى ربك فسله التخفيف، قال: فلم أزل أرجع بين ربي تعالى وبين موسى حتى قال سبحانه: يا محمد إنهنّ خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة، ومن همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، ومن همّ بحسنة فعملها كتبت له عشرا، ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب له شيئا، ومن همّ بسيئة فعملها كتبت له سيئة واحدة. قال: فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته، فقال ارجع إلى ربك فسله التخفيف، فقلت: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه» . ثم رجع عليه الصلاة والسلام من ليلته، فلما أصبح إلى نادي قريش فجاء إليه أبو جهل بن هشام فحدّثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما جرى له فقال أبو جهل: يا بني كعب بن لؤي هلمّوا، فأقبل عليه كفار قريش، فأخبرهم الرسول الخبر، فصاروا بين مصفق وواضع يده على رأسه تعجبا وإنكارا، وارتدّ ناس ممّن كان امن به من ضعاف القلوب، وسعى رجال إلى أبي بكر فقال: إن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا أتصدقه على ذلك؟ قال: إني لأصدقه على أبعد من ذلك، فسمّي من ذلك اليوم صدّيقا، ثم قام الكفار يمتحنون رسول الله فسألوه نعت بيت المقدّس وفيهم رجال رأوه، أما رسول الله فلم يكن راه قبل ذلك فجلّاه الله له فصار يصفه لهم بابا بابا وموضعا موضعا «٢» ، فقالوا: أما النعت فقد أصاب، فأخبرنا عن عيرنا، وكانت لهم عبر قادمة من الشام، فأخبرهم بعدد جمالها


(١) مراده أن ثمرها في الكبر كالجرار التي توضع بها وكانت معروفة عند المخاطبين. ورد في نيل الأوطار للإمام الشوكاني: وأما التقييد بقلال هجر، فلم يثبت إلا من رواية المغيرة بن صقلاب عند ابن عدي، وهو منكر الحديث. قال النفيل لم يكن مؤتمنا على الحديث، وقال ابن عدي لا يتابع على عامة حديثه ج ١ ص ٣١.
(٢) رواه البخاري.

<<  <   >  >>